منى: عبدالعزيز العطر

هو الحب الذي يسكن قلب عبدالحفيظ، ويسوق أقدامه للسير في كل أرجاء المشاعر، يتأمل في كل الزوايا ويستنشق رائحة المكان قبل أن يودعه مرغماً مع نهاية أيام الحج.
في مشهد لم يخل من الغرابة، أخذ الحاج المصري عبد الحفيظ عمر40 عاما يتـجول في مشعر منى أول من أمس دون اتجاه محدد، يمشي بشكل عشوائي يميناً مع أقرب طريق فرعي ويسارا مع زقاق ضـيق بين المخـيمات، يسير بلا هدف، ليـتضح فيما بـعد أن هـدفه هو السير بحد ذاته، فـعبد الحفيظ أراد المشي على قدمـيه بكـافة أرجـاء المشـعر وجميع طرقـاته الرئيسية والفرعية والصغيرة، كـنوع من الحب والتقـدير لـهذه الأرض التي سـيفارقها بـعد أيام.
الوطن التقت عبدالحفيظ، وقال أريد المشي في جميع تلك الطرقات، هنا وهناك، حيث مشى سيد الخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم، أريد التمعن بكافة معالم منى، ولو استطعت قدرة على المشي لواصلت إلى مزدلفة وعرفات مرة أخرى.
وأضاف، أن حجه هذا العام الأول بالنسبة له، ولكن ما سمعه عن تلك البقاع الطـاهرة من أقربائه الذين سبقوه في الـحج و شعوره بالطمأنينة وانشراح صدره، جعله يمشي بلا هوادة، مـشيرا إلى أن ما سـاعده عـلى ذلك، عـدم التـزامه بـحملة للحـج، حيث كـان ضـمن المفـترشين.
وقال بلهجة شديدة لن أخرج من هذه البقاع إلا في المساء بعد فراغ الحجاج وانصرافهم من منى، حيث سأرغم على ذلك.
وخشيت الوطن انتباه رجال الأمن لعبد الحفيظ ومنعه من مواصلة مشيه، وقررت الانـصراف عنه، مستمعة إلى آخر ما يـردده الحاج المصـرى: نعمة بالنوم على أراضيك يا مـكة، ونعمة بالمشـي على طرقـاتك، ولي عودة لـكن إن كنت من الأحـياء في السـنين القـادمة.