يقول أحمد بن حامد المساعد انعدام المؤهل العلمي عندي يجعلني في حالة افتخار بالثناء إذ لا أعدو أن أكون عامل طباعة، وهذا هو اللقب الذي يريحني على الرغم من أني شغلت وظيفة مدير فرع مؤسسة، ومنصب أمير بلدة، وترأست النادي الأدبي في الباحة على مدى ثلاث سنوات ونيف، ونعمت خلالها بالشعور الحسن بالنظر لما حققه النادي من نجاحات متلاحقة، ومارست الكتابة الصحفية لكن انتمائي لطبقة العمال يسعدني، وقد قرأت إجابة أحد أدبائنا عن سؤال عما إذا كان مغروراً عندما ينظر إلى منجزه الإبداعي فقال: ما دمت بشراً من طين فلا ينبغي أن تلصق بي هذه التهمة أصدر المساعد كتابه بين هؤلاء عشت وبعيداً عن مآزق التوصيف هل هي سيرة ذاتية أم يوميات أم ذكريات ومذكرات أم اعترافات، فهي عمل درامي آسر، يتسرب إلى ما تحت السطح والجلد، ويدون ويكاشف ذاته والآخرين، ويقدم وثيقة ساردة ورواية من خلال مخيالية خصبة دون أن يهمش ذاته أو يتعالى، موظفاً طاقاته التعبيرية ليجسد بكل أمانة تحولاته الاجتماعية والعملية، ويستحضر ذاكرته الغنية لتروي سيرة شديدة الخصوصية، والمرارة، عنيفة الكبوات، عالية الطموح، تبدأ من قرية بني والبة في حضن جبل القصا وتنتهي على مشارف السبعين بكل مكوناتها الإنسانية. استطاع المساعد وببراعة أن يجعلك تلمس كل شجر أو حجر أو بشر في ذلك العالم القصي في قريته وأن يبوح بكل ما يواريه البعض في حياته من الغرائبية والانكسار والإحساس المضني بالفجيعة والحزن والعوز والاندحار أحياناً. إن حركة وثراء السرد داخل مجريات حياته المتأججة وبحثه الفاعل عن التغيير وعدم الاستسلام للواقع الصعب جعلته مجاهداً وحالت دون وقوعه فريسة للكبوات والعطب، نبرته هادئة، وعينه الثالثة رصدت واختزلت كل ما تخلق في الذاكرة الاستعادية من وجوه وأسماء ومحطات عايشت حياتنا الأدبية والصحافية وطارحها وخالطها وتحدث إليها والتصق بتجلياتها كمحمد حسين الإصفهاني ـ محمد حسن عواد ـ محمد حسين زيدان ـ عبد القدوس الأنصاري ـ أبو تراب الظاهري ـ عبد المجيد شبكشي ـ ياسين طه ـ عبد الله جفري ـ راضي صدوق ـ علي العمير ـ أحمد جمجوم ـ محمد علاقي ـ عبد الفتاح أبو مدين ـ حمدان صدقة ـ أحمد محمد محمود ـ عبدالله عريف ـ أحمد عبدالغفور عطار ـ طاهر زمخشري ـ عبدالعزيز الرفاعي ـ علي وعثمان حافظ ـ أمين مدني ـ عبد العزيز مؤمنة ـ علي عمر جابرـ هاشم عبده هاشم ـ علي السلوك ـ وغيرهم من الرموز التي عرفها ويصعب تعويضها. وقد ذكرها بصيغة تحليلية مختزلة ومتأتية من ملاحظاته وقراءاته والتعاطي المباشر معها واستقراء علاقاتها الإنسانية ورسم ملامحها التاريخية والاجتماعية.