إذا كان من أهدافك في حياتك، أن تكون مشهوراً بأقل مجهود، وأقصر الطرق، فما عليك إلاّ أن تقرر من اليوم التوجه إلى أقرب صحيفة في مدينتك، وقدم نفسك للقسم الرياضي على أنك ترغب في العمل الصحفي.
كل ما عليك فعله لا يتعدى الوصفة السابقة، إذا فعلت ذلك ستكون أحد الزملاء الذين ينضمون لعالم الصحافة، ومن يومك أنصحك أن تذهب إلى أقرب مطبعة لكي تطبع كرتك الخاص الذي يمنحك الرسمية في تقديم نفسك للآخرين، وقد لا تحتاج إلى نصيحتي.
وما هي إلاّ أيام قليلة حتى تصبح أحد الضيوف الدائمين في القنوات الفضائية، وعلى رأسها قناتنا الذهبية، تتحفنا بأطروحاتك، وتحليلاتك، ورؤيتك، تتداخل، وتقاطع، وتصر على موقفك، وتتمسك برأيك، وتدافع عن أفكارك حتى وإن كنت على خطأ!.
بعد أيام قليلة فقط، وبعد أن تعيش الأجواء، لن يقف في وجهك أحد، مهما بلغت مكانته وخبرته، فقد عرفت السرّ، وهو أن تكون صاحب صوت عال، ولا تأبه بعاملي السن والخبرة لمن سبقوك، فأنت اليوم زميلهم، ولا فرق بينك وبينهم، بل ربما أنت تحمل في جيبك كروتاً تؤكد انتماءك لصاحبة الجلالة، وهم ليس لديهم ما يثبت أنهم من أهلها وأصحابها، وأنت تتحدث في كل مجلس عن مقالاتك، وما كتبته أمس، وما كتبته اليوم، وما ستكتبه غداً، وأنت المدعو دائماً للقنوات الفضائية، وهم من المتفرجين.
وإذا استطعت أيضاً أن تكون صاحب مقال يومي، فهذا رزق نزل عليك من السماء، ولا تفكر في كيفية ملء مساحته اليومية، واستخدم إذا احتجت، وستحتاج طريقة قص ولزق مقالات تملأ مواقع الإنترنت، وانسبها لنفسك ياصديقي، ولا من شاف ولا من دري.
هل عرفت الآن طريقة أن تكون صحفياً مشهوراً في أيام، تتصدر صورته مقاله اليومي، وتستطيع أن تتحول إلى مفتي في الشؤون الرياضية دون تحديد، حتى تقنع كل الناس أنك فاهم، وصاحب فكر عال، ورؤية واضحة.
وقريباً من الصحافة المقروءة، أصبح ظهور البعض ممن ينتسبون إلى الوسط الرياضي في القنوات الرياضية مملا جداً، حتى يخيل إليك من كثرة مداخلاتهم، وكأنهم يسكنون داخل هذه القنوات، لدرجة أن بعضهم يتداخل لمرتين أو ثلاث في البرنامج الواحد.
حتى برامج الصباح، والظهيرة تجدهم جاهزين لها، ولديهم الوقت للمداخلة مع كل برنامج، دون أن يقدموا جديداً للمشاهد، غير الدخول مع الضيف، أو الضيوف في جدل ميول، ليخرجوا منتصرين كما يزعمون، وترتفع أرصدتهم عند جمهور ناديهم.
هذا الصنف من الناس لا يتعب من كثرة التنقل بين القنوات الرياضية، حتى ولو وصل الأمر إلى تواجده خمس مرات في اليوم الواحد، ولو وجد فرصة للحديث إلى إذاعة البرنامج العام، أو الثاني، أو الـ fm، فلن يفرط فيها.
أما النوع الآخر من الذين يعانون من هوس الشهرة، فهم بعض أصحاب الأموال، فهؤلاء قد يدفعون مالاً لتنشر صورهم في صفحات الجرائد، ومن أجل التواجد في القنوات الرياضية، وبعضهم يمكن أن يشتري صفحة كاملة، أو صفحات في أكثر من صحيفة ليقول للناس إنني هنا.
ونوع آخر قد يرأس نادياً لا يعرفه، ولا يعرف تاريخ تأسيسه، وربما لا يعرف ألوانه، ولا علاقة له به، إلاّ أنه من أصحاب الملايين الذين وجدوا أن الرياضة هي أقصر الطرق لتحقيق الشهرة، فدخلوها، وأصبحوا فرسان الساحة الرياضية، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. لقد تراجع من لديهم أفكار ورؤى في ظل زحمة القادمين من الشبابيك، وتقدم مرتادو المنتديات، وأصبحوا يتصدرون المجالس، والأستوديوهات، والبرامج الرياضية الفضائية، وامتلأت الصحافة الرياضية بـ أعمدة أفضل ما فيها صور كتابها.