ليونيد إيفاشوف*
موقع ويكيليكس هو عبارة عن وسيلة من وسائل الصراع على سيادة العالم، تديره طغمة مالية متعددة الجنسيات، علماً بأن الصراع على سيادة العالم بدأ منذ سنوات، ووصل إلى مراحل متقدمة في الوقت الراهن.
بينما بدأت الولايات المتحدة تفقد موقعها كقطب وحيد في العالم وسيدة لهذا العالم، تواصل الصين والهند وروسيا ودول أميركا اللاتينية ودول العالم الإسلامي، سعيها بزخم متزايد للعب أدوار متعاظمة على الساحة الدولية. ولقد تنبهت الطغمة المالية متعددة الجنسيات للخطر الكبير الذي يمكن أن يطالها، إذا استمرت الأمور في التطور على هذا النحو، لهذا بادرت إلى تنظيم حملة من التشويه للبنية الحكومية لتلك الدول، لكي تتمكن من السيطرة عليها فيما بعد.
تتمركز الطغمة المالية متعددة الجنسيات بشكل رئيسي في أوروبا والولايات المتحدة. ففي هاتين المنطقتين تحديداً تتمركز ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ البيوت المالية التابعة لعائلة روتشيلد وروكفلر والمنظومة الاحتياطية المالية وغيرها. ومن المؤكد أن الولايات المتحدة بعظمتها لا تعتبر في الوقت الحاضر دولة مستقلة اقتصادياً. وتستهدف الطغمة المالية متعددة الجنسيات الدولة بمفهومها الشامل، لكي تضعف دورها في إدارة العمليات التي يشهدها العالم المعاصر. وهذا ما يفسِّر تعرُّض القيادة الأميركية لحملة تشويه شعواء على يد موقع ويكيليكس، الذي يُعتبر الذراع المقاتل لـالطغمة.
وفيما يتعلق بتهديد موقع ويكيليكس بنشر وثائق سرية تسيء لسمعة شخصيات روسية، فإن ذلك جاء بمثابة رد على القمة الثلاثية، التي جرت مؤخراً، بين كل من الرئيس الروسي دميتري مدفيديف، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي ناقشت بشكل معمق مسألة بناء نظام مالي عالمي جديد، يفقد الدولار فيه دوره كعملة احتياطية عالمية وحيدة. وهذا الأمر، في حال تحقيقه، يمكن أن يلحق أضراراً جسيمة بمصالح الطغمة المالية. لهذا تسعى هذه الطغمة لتوجيه ضربة استباقية موجعة، لكل من تسول له نفسه الحديث عن نظام مالي عالمي جديد.
وستخضع شخصيات الروسية معنية لضغوط متزايدة وابتزاز، إلى أن تركع وتعلن عن استعدادها للانصياع لإرادة الطغمة المالية متعددة الجنسيات. وعندها يبدأ تنفيذ المخطط الذي يجري تبييته منذ زمن بعيد، ألا وهو تفتيت روسيا.
*رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية