العاطفة وتأنيب الضمير يقفان حائلاً بيننا وبين القضاء على الكثير من الظواهر السلبية في مجتمعنا. حينما تهم بالمطالبة ـ مثلاً ـ بمنع سائقي السيارات الخاصة من دخول المطارات الدولية وتوصيل المسافرين بطريقة مخالفة للقانون يستيقظ الضمير المرهق: حرام.. قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.. اترك الناس تدور على رزقها.. الرازق في السما والحاسد في الأرض. وغيرها من عبارات تحفظها الذاكرة الشعبية. معركة شرسة تنتهي بصرف النظر عن الفكرة تماماً والبحث عن غيرها!
في أحد مطاراتنا الدولية تكررت الشكاوى من سرقة أجهزة اللاب توب. كان مقر السرقة هو مصلى المطار. إذ ما إن ينتهي المصلي من أداء الصلاة حتى يكتشف أن جهازه المحمول قد اختفى! ولأن المطارات تتم رقابتها بشكل دقيق؛ فقد كشفت الكاميرات عن سيارة تدخل لمواقف المطار لمدة عشر دقائق ثم تخرج؛ عدة مرات في اليوم الواحد على مدى ثلاثة أشهر. يدخل أحد الأشخاص إلى مصلى المطار ويراقب الوضع، وما إن تقام الصلاة حتى يظفر بغنيمته ويفر من الموقع. رصدته الكاميرات بدقة، كان ينزل دون أي حقيبة ثم يخرج وبيده حقيبة! مثل هذا الشخص يدخل كغيره من بوابة قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ولا يلفت نظر أحد على اعتبار أنه أحد أولئك الذين يبحثون عن رزقهم من خلال توصيل المسافرين. سكتنا عن هؤلاء فخرج من بينهم من استغل ضعفنا. ظاهرة تجاوزت كونها مزعجة حضارياً إلى الخطورة الأمنية، يتلقفونهم عند بوابة الوصول في منظر مخجل: سيارة يا الحبيب؟. في مطار دبي لن تجد من يقول لك سيارة يا الحبيب؟. وفي هيثرو لا تجد من يقول لك Do you want car .. o beloved ! يفترض أن يتم تنظيم حركة النقل داخل المطارات. سيارات الأجرة تقف بعيداً عن باب الصالة. هناك مكتب يتقدم نحوه المسافر ويطلب سيارة ويدفع القيمة، ثم يتم الاتصال بالسيارة ويستقلها الراكب خلال دقيقتين بأمن وأمان.