منذ هجمات 11 سبتمبر نجح اللوبي اليهودي في إقناع الشعب الأميركي بأن إسرائيل والولايات المتحدة لا تتقاسمان فقط المصالح والقيم؛ وإنما تقفان في نفس الخندق لمحاربة نفس العدو وهو الإرهاب الذي يقوده إسلاميون متطرفون

طيبة الشعب الأميركي تجعله دائماً عرضةً للابتزاز وتؤهله للتواطؤ والاندفاع دون تفكير. ليس المهم من يفوز بالبيت الأبيض إذا أمكن لقطاع الطرق في اللوبي اليهودي التأثير بقوة على أعضاء الكونجرس الأميركي بمجلسيه، الذين يبلغ عددهم اليوم 535 عضواً.
هذه الحقيقة اكتشفها اليهود منذ اكتشاف أميركا واستغلوها أفضل استغلال لصالحهم، مما جعل العالم يرضخ لإرادة اسرائيل من خلال أميركا، ويشفق على الكيان الصهيوني من خلال أميركا ويرأف بحال الشعب اليهودي من خلال أميركا. ليس مستغرباً أن يؤكد أحدث استطلاع لآراء الشعب الأميركي أن 68% من الأميركيين يحملون مشاعر إيجابية طيّبة تجاه إسرائيل، بينما لا يساند القضايا العربية سوى 15% من الأميركيين.
عندما قام بن غوريون مؤسس دولة إسرائيل بزيارة واشنطن في عام 1941، كان كل أمله أن يحظى بعدة دقائق فقط من وقت الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ليعرض عليه قضية الدولة اليهودية. رغم محاولاته الشاقة التي دامت أكثر من شهرين، فشل بن غوريون في مقابلة الرئيس الأميركي. منذ ذلك الوقت أيقن بن غوريون أنه لن ينجح في مساعيه المستقبلية إلا إذا تمكن من إرساء أساس محكم لنفوذ المنظمات اليهودية في أميركا.
اختار اللوبي اليهودي موقع رينس.كوم الإلكتروني ليصبح الراعي الرسمي للمنظمات اليهودية الأميركية في الإنترنت، وأصبح يقوم بمهامه الجليلة من خلال تداول ملايين الوثائق الرسمية بين أقطاب هذه المنظمات، وحثهم على الاتحاد أمام شعوب العالم، واستخدام القوة الأميركية العظمى للوصول إلى غاياتهم وأطماعهم. لدى انتخاب أعضاء الكونجرس الأميركي؛ يبدأ موقع رينس.كوم في تدقيق أعمال وأقوال جميع المرشحين، للتأكد من أنهم لا يحيدون عن الهدف الرئيس الذي أحكم اللوبي اليهودي قبضته وتربع على عرشه.
لدى القبض عليه بالتنصت غير المشروع مطلع الأسبوع الماضي كان روبرت مردوخ يتفاخر بجهود إمبراطوريته الإعلامية في دعم اسرائيل، حيث كان يحتل المرتبة 13 بين أقوى شخصية في العالم، والمركز 117 بين أغنى أغنياء المعمورة بثروة قاربت 8 مليارات دولار.
علماً بأن ولادته من أبويين أستراليين تمت في أستراليا بتاريخ 11 مارس 1931م، إلا أن روبرت مردوخ ينتمي إلى الديانة اليهودية، ويتمتع بالجنسية الإسرائيلية إل‍ى جانب الجنسية الأميركية التي منحها له الرئيس رونلد ريجان.
بعد أن تربع عرش الصحافة في أستراليا في نهاية عام 1980؛ بادر روبرت مردوخ إلى الدخول في عالم الفضائيات، حيث قام في عام 1986م بتأسيس مجموعة فوكس للأخبار واشترى في عام 2000م جريدة وول ستريت جورنال الأميركية، واستحوذ على أكبر حصة في دار نشر الكتب العالمية هاربر كولينز.
في السنوات العشر الأخيرة ازدادت شهية روبرت مردوخ الإعلامية، ليصبح في عام 2010م مالكاً لأكثر من 11 استوديو لإنتاج الأفلام، و43 محطة فضائية للأخبار، و13 موقعا على الإنترنت، و29 مجلة و185 صحيفة و5 دور للنشر.
وسط استغراب معظم دول العالم وامتعاض غالبية شعوب المعمورة أصبح روبرت مردوخ وأمثاله يشكلون المحرك الرئيس للسياسة الإسرائيلية على موقع رينس.كوم في أميركا. من خلال هذا الموقع الشيطاني بدأ اللوبي اليهودي باستلام زمام الأمور وفرض سلسلة من الواجبات على الشعب المختار، مخالفاً بذلك نص المادة 613 من التوراة ومقدمة الفقرة رقم 157 من التلمود، اللتين تشجعان على السلام والمحبة وتقريب وجهات النظر، بدلاً من توليد الحقد والكراهية بين شعوب العالم.
قبل أيام صدرت الإحصائيات الرسمية لجائزة نوبل الشهيرة. منذ تأسيس الجائزة في عام 1901م وصل عدد الجوائز التي حصدها العلماء اليهود إلى 180 جائزة، 49 منها في الطب و24 في العلوم البيوليجية و27 في الكيمياء و23 في الاقتصاد و44 في الفيزياء و12 في الآداب، وجائزة واحدة يتيمة في السلام قتل الفائز بها بيد شعبه المختار.
قارن موقع رينس.كوم الإلكتروني بين الأهداف الإنسانية للشعب اليهودي والأهداف الإرهابية للشعوب العربية. زعم الموقع بأن الشعب اليهودي الذي لا يتعدى 14 مليون نسمة وتقل نسبته عن 2 في الألف من شعوب العالم حصد من جوائز نوبل أكثر من أي شعب آخر في المعمورة بنسبة تزيد عن 115%. أما الشعوب العربية التي يزيد عددها عن 300 مليون نسمة وتشكل 5% من سكان الأرض تفوقت على باقي الشعوب بزيادة وتيرة الإرهاب بنسبة 2350%.
بعد مضي أكثر من 65 عاما على إنشائها ما زالت إسرائيل تسعى لتحقيق أحلامها وطموحاتها من خلال اللوبي اليهودي. إذا تفوه عضو في الكونجرس الأميركي بكلمات قاسية ضد إسرائيل هبت وسائل الإعلام في تضخيم كلماته، وتعظيم هفواته وتحوير أهدافه. وإذا بادر زعيم أميركي بكشف عيوب إسرائيل تصدت له الحركات الصهيونية في كافة أرجاء العالم، وكالت له اتهامات العنصرية ضد السامية.
منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 نجح اللوبي اليهودي في إقناع الشعب الأميركي بأن إسرائيل والولايات المتحدة لا تتقاسمان فقط المصالح والقيم؛ وإنما تقفان في نفس الخندق لمحاربة نفس العدو وهو الإرهاب الذي يقوده إسلاميون متطرفون في العالم العربي.
خلال نصف القرن الماضي حاولت الدول العربية استمالة الشعب الأميركي لصالح قضاياها من خلال عواطفها الجياشة فقط. من البديهي أن نبدأ باستخدام الفكر والعقل والمعرفة لكشف عيوب العنصرية الصهيونية، بدلاً من استخدام أدوات الحروب الكلامية والشعارات النارية، وتكبير أصوات نزاعاتنا أمام حشود الطرشان، أوتعظيم قوة شقاقنا أمام عدونا الشيطان.