وبالأمس، يحدثني رجل الأعمال الضخم عن الوجه الخفي لأخلاقيات السوق حتى ليكاد يجهش بالبكاء على ما هو – ممنوع – أن نناقشه في العلن.

وبالأمس، يحدثني رجل الأعمال الضخم عن الوجه الخفي لأخلاقيات السوق حتى ليكاد يجهش بالبكاء على ما هو – ممنوع – أن نناقشه في العلن. عن العلاقة اللاأخلاقية التي تربط المرأة بآلاف الباعة خلف مقصورات الدكاكين. وكي لا يلتبس الفهم: أنا لا أضع – المرأة – كمجمل ولا الشريفة منهن في سلم أو سلة هذا الهبوط الأخلاقي. ومن يسمع كلام رجل الأعمال وهو يئن ببعض الصور والقصص سيؤمن أن في بعض الأسواق اليوم أشياء من – المنطقة الحمراء – الهولندية، فما هي الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه المهابط الأخلاقية التي لا ينكرها إلا مكابر؟ أولها هو الفهم الخاطئ للانفتاح والتفسير المختل لمفاهيم الحرية. ثانيها، إسهام دعاة الانفتاح بقدر ما هي مثالب دعاة الانغلاق والتشدد. أفرز لنا دعاة الانغلاق والتشدد مجتمعاً مشلولاً لم تكن المرأة به سوى وزر وجريمة متحركة وقتلوا بهذه الرؤى المخيفة كل حياة سوية تنشأ على الفطرة التي عاشت بها كل مجتمعات التاريخ المتعاقبة. لم تذكر لنا كل كتب التاريخ الاجتماعي أن المرأة عاشت هذا الإيغال المخيف في الفصل والغلق في كل حواضر ودويلات وممالك العصور الإسلامية. ما كان نشازاً لابد أن يكون النشاز المضاد هو ردة الفعل. لم تستمع أمهاتنا وجداتنا إلى موعظة واحدة طوال عقود من ابتدائهن للحياة ولم تسجل كل آلاف القرى في ذاكرتها قصة هبوط أخلاقي واحدة. اليوم نسمع عن آلاف القصص رغم آلاف المحاذير الكلامية. أسهم دعاة الانفتاح في خلق مفاهيم مضطربة للحرية.
لم تفرز معارك التحدي بين الطرفين إلا عن هذه الضحايا الاجتماعية. أصبحت الأسواق مهابط للرذائل الأخلاقية، لأن المرأة غير السوية تبحث عن – القُفل – الآمن للأسرار. تعرف أن البائع الأجنبي هو الحلقة الطارئة البعيدة عن صلب الفضائح الاجتماعية مثلما تدرك خوفه ورغبته أن يعيش في الظل. هذه هي الحقائق التي نعرفها بدون استثناء ولكننا لا نكتبها ولا نقولها على المنابر العامة. نحن من جعل الزواج مشروعاً مالياً مكلفاً لا يقوم من ركامه الفرد إلا بعد الطفل الثالث.. ونحن من صنع هذه العراقيل الفكرية والثقافية والاقتصادية حتى أمام الشريفة التي لا تبحث عن شيء إلا عن: بساطة حياة لحياة بسيطة.