أم تعترف بضعف قدرات أبنائها العلمية وتصر أن يصبحوا مهندسي طيران وعلماء ذرة!
كثيراً ما يخطئ الآباء في حق أبنائهم حين يحملونهم مسؤولية تحقيق الأحلام التي عجزوا هم عن تحقيقها في حياتهم بغض النظر عن ميول الأبناء وقدراتهم وأحلامهم الشخصية خاصة فيما يتعلق بالحياة المهنية. وتبدأ العديد من الأسر إلى فرض أحلامها على الأبناء منذ الطفولة مستخدمة في سبيل ذلك أساليب عدة أهمها مناداة الطفل باللقب الذي يرغبونه كالمهندس أو الدكتور أو كابتن طيار وغالبا ما تدعم تلك الألقاب التي تفرض على الطفل فرضاً هدايا ولعب محددة تمثل أدوات أو ملابس المهنة أو ترمز لها. وتفتقت تلك العقليات مؤخراً عن منح الطفل درعا تذكارية يحمل لقب السيد المهندس أو المذيع أو المعلم ونحو ذلك وقد يسجل بأحد الدروع كلمة لهذا الطفل إلى الكابتن طيار أو إلى طبيب أسرتنا دون وعي من الأسرة للأثر النفسي لتلك التصرفات على الطفل التي قد تقيده في مهنة لا يحبها أو تجعله أسير ما تراه أسرته. وتقول المعلمة سلوى عيضة إنها تتمنى أن ترى ابنتها التي تدرس بالصف الثاني متوسط طبيبة, ومنذ المراحل الابتدائية وهي تناديها بالطبيبة نجلاء وكبرت ابنتها ودخلت المرحلة المتوسطة وهم ينادونها بهذه المهنة. وتشير سلوى إلى أن هذه الأمنية كانت تتمنى أن تحققها هي لوالديها ولكنها عجزت عن تحقيقها كون الأم لم تكمل دراستها ولم تكن ترغب مطلقا بأن تكون إلا خياطة ملابس, ولكنها تتمنى أن تحقق ابنتها ما عجزت عنه وأضافت أنها سوف توفر لها جميع ما تراه مناسبا لها شريطة أن تحقق لها هذه الأمنية. وقالت لا يلزم أن تحب هذه المهنة فإذا توفرت متطلباتها المادية والصحية فلا مانع من طرق هذه المهنة. وبينت أم فهد (معلمة بالمرحلة الثانوية) أنها أجبرت ابنيها على اختيار القسم العلمي لكونه الأنسب للحياة المستقبلية إضافة إلى أنه الأفضل في فرص العمل الوظيفية فيما بعد. وبينت أن أحد أبنائها قد عارضها وهجر منزل الأسرة إلى منزل خاله ولكن سرعان ما عاد إلى المنزل بعد إقناعه بأن ذلك الاختيار هو الأفضل. وتشير إلى أن أبناء شقيقاتها ليسوا بأفضل من أبنائها فكلهم حققوا نجاحات في القسم العلمي وخرجوا إلى الحياة العملية في وظائف أفضل من غيرهم. وبينت أن قدرات أبنائها في هذا القسم لا ترقى صراحة إلى مواده وتخصصاته ولكن رؤيتها لهم أنه الأفضل. وقالت إنها تعاني مع أحدهم ضعف مستواه الدراسي بعد دخوله القسم العلمي, إلا أن النجاح أصبح يقدم الآن على طبق من ذهب للجميع (حسب قولها!), مبينة أنها تسعى لأن يكون أبناؤها مهندسي طيران أو باحثين في علم الذرة حيث أهدت أحدهم درعا كتبت عليها إلى المهندس طيار صالح وترى أن الهدية بهذه الصورة تعد دافعا لهم للتقدم حتى وإن لم يكونوا يحبون هذه المهنة.
وقال الطالب أحمد حسن بالصف الثالث الثانوي علمي إنه يدفع ضريبة هذا الاختيار حيث إن والده أجبره على هذا الاختيار لكونه سيحقق له أمنيته التي لم يحققها هو لوالديه وهي أن يكون طبيب أطفال مشهوراً. وأشار إلى أن جميع أفراد أسرته ينادونه في المنزل بالدكتور أحمد حتى أن والداه اشتريا له العام الماضي طاقما كاملا من أدوات الطبيب إضافة إلى بطاقة صغيرة كتب عليها الدكتور أحمد وطلبا منه أن يسير بها في المنزل هي وهذه الأدوات. وقال إنه تحدث مع والدته في ذلك وأخبرها أنه لا يريد أن يكون طبيبا ولم يجد أي إجابة منها أو تفاعل مع ما يقول بل إن والدته تقول له إن هذا هو حلم والداك فلا تقتله بعدم تحقيقك له. وبين أنه يهوى كتابة القصة القصيرة وخاصة قصص الأطفال. وقال الدكتور إلهامي عبدالعزيز الأستاذ بجامعة أم القرى قسم علم النفس إن هذه الإهداءات للأطفال والاختيارات الإجبارية من قبل الأسرة تتوقف على معرفة إمكانية واستعدادات الطفل فلكل طفل خاصية تميزه عن غيره, فإذا كانت الاختيارات والدروع المقدمة للأطفال تتناسب مع ما لديه من إمكانات وقدرات دون تهويل أو ترهيب فإن ذلك يترك أثرا إيجابيا لدى الأطفال وأما إذا كانت هذه الدروع والصور والهدايا المقدمة للطفل لا تتناسب مع ما لديه من إمكانات بمعنى أنني أعطيه مستوى طموح أعلى مما لديه من قدرات فإن ذلك قد يسبب له أضرارا نفسية. والقضية المهمة مدى معرفة إمكانات وقدرات الأطفال أولا وقبل كل شيء. وأشار إلى أنه من الممكن أن يتم توجيه الطفل إذا كانت رغبته أن يصبح طبيبا أو نحو ذلك ولكن قدراته لا تؤهله فمن الممكن أن تقول له أسرته سوف تصبح دكتورا في الجامعة أو في الكلية أو في تخصصك الذي تختاره دون تحجيم قدراته وإمكاناته.