سأروي اليوم ما تقوله الذاكرة من أن المنتخب السعودي الأول لم يلعب طوال نصف قرن أي لقاء ودي أو رسمي.
سأروي اليوم ما تقوله الذاكرة من أن المنتخب السعودي الأول لم يلعب طوال نصف قرن أي لقاء ودي أو رسمي في كل دائرة الحزام الجنوبي من هذا الوطن وكأننا – هنا – خارج حسابات رئاسة الشباب التي تبدأ اسمها بمفردة – العامة – بينما فعلها هو الانتقاء. سأكتب لكم أن أندية كل الحزام الجنوبي تلعب تمارينها على ما يشبه – الأراضي البور – في أطراف المدن، لأن حزام – البطانة – المتماسك حول جهاز الرئاسة لم يلتفت إلى نصف الوطن الفارغ من أي مسمار لهذه الرئاسة. سأعيد عليكم اليوم ما سبق أن قلت بأن الرئاسة العامة لرعاية الشباب لم تضع طوبة واحدة في طول وعرض هذا الحزام خلال الثلاثين عاماً الماضية، وأن مسؤولاً واحداً من كبارها لم يتكرم بزيارة بعض وطنه ومسؤولياته خلال كل تلك الفترة، وأنا هنا أتحمل براهين ومسؤولية كل ما قلت. هذه الرئاسة، ووحدها، من بين كل مؤسسات العمل الوطني العام ستبقى نشازاً في نظرتها إلينا – هنا – ومن هنا أطالب سمو أمير الشباب أن يبدأ بتصحيح هذا الخلل البالغ الخطورة. أهمس في أذنه جهراً، لأن من حوله هم الذين سكتوا عن الصدع بالحقيقة طوال ثلاثين سنة.
أكتب اليوم، لأنني قرأت بالأمس، أن المنتخب السعودي تدرب بعيد المغرب تحت حرارة تقترب من الأربعين وأن لاعبيه استهلكوا مئتي لتر من الماء البارد في ظرف ساعة واحدة. أشعر بالحزن لأن الذين لا يعرفون خارطة وطنهم يظنون أنه بلا خيارات، وأنا الذي أدثر أطفالي بالصوف وأجمعهم حول الحطب أمام ملعب المحالة تحت المطر في ذات اللحظة. وبات صعباً أمام هؤلاء أن يعسكر المنتخب في المكان المجهول إلى هذه البطانة وأن يلعب حتى أمام – هونج كونج – في ظرف طبيعي لممارسة الرياضة. هؤلاء لا يشوهون صورة وطن أمام ملايين شبابه الذين لا يشاهدون هؤلاء الأباطرة إلا في التلفزيون، بل إنهم يخفون أمام هذا العالم صورة وطن ومعالم وطن.
ولسمو الأمير الشاب: قبل أن يلغي هؤلاء دورة الصداقة بقرار، زارنا عبرها وزراء شباب ورؤساء اتحادات وفرق متتالية من عشرين بلداً أو تزيد؛ فإن هؤلاء من حولك لم يتكرموا بزيارتنا في ثلاثين سنة ولم يبنوا مشروعا رياضيا في ثلاثين سنة. نحن هنا سمو الأمير، وواثق أنهم لن يتركوا صوتي يصل إليك.