في الغالب أن من فكروا باقتباس فكرة برنامج لحظة الحقيقة يعرفون أن ما ينطبق على الغرب قد لا ينطبق على العرب، ويعرفون أن ذاكرة المجتمعات العربية لا تنسى، وحين تلتصق فضيحة ما بأحدهم فإن الأجيال تتناقلها، وربما تصبح تلك القصة وصمة عار لأبناء المفضوح خاصة في المدن الصغيرة والأرياف. وعلى الرغم من ذلك فإنهم استمروا بفكرتهم ونفذوا النسخة العربية من البرنامج، لنشهد مجموعة كبيرة من الفضائح التي جاءت على شكل اعترافات لأشخاص مغمورين، حولهم حب امتلاك بعض المال إلى نجوم لحالاتٍ يتندر المجتمع عليها.
ولأن البرنامج مبني على نقطة حاجة الناس المادية، فإن طريقة تطبيقه تستغل هذه الحاجة، ليمعن المقدم عباس النوري في الأسئلة المعدة له في استنطاق الضيف الباحث عن المال، وإحراجه أكثر للدرجة التي يتحدث فيها بما لا يريد عن سلوكياته ومشاعره.. وفيما يكون هذا الضيف بانتظار صوت جهازِ كشفِ صدق إجابته أو زيفها؛ فإن ملامحه تظهر خوفه من خسارة المال إن خذله الجهاز، وإن لم يخذله نراه ينتفض فرحاً، برغم ما تجلبه عليه الإجابة من غضب الجمهور أو انزعاج أحد المقربين منه، أو احتمال انفصاله عن شريك حياته.. لكنها شهوة المال.
بعض مشاهد لحظة الحقيقة تعطي المرء أحياناً الشعور بأنه يشاهد تمثيلية مجهزة مسبقاً، كمشهد زوج يتحدث عن خداعه للنساء، وزوجته تُصعق حين تراه يعلن أمامها أنه نادم على الزواج منها بعد 5 سنوات على زواجهما. لينتهي المشهد بما يوحي أنهما سينفصلان بعد الحلقة.. ما يترك أكثر من علامة استفهام حول مجيئهما مترافقين لممارسة طقوس الحقيقة المتوشحة بالمال.
كثيرة هي الاعترافات المؤلمة لأصحابها، مثل قول إحداهن بحضور خطيبها إنها تكره حماتها، واعتراف ضابط شرطة سابق بتعذيبه للمساجين، وعدم تحرج إحدى الحسناوات من بيان استغلالها لجمالها للحصول على ما تريد.. ومع تهاوي الاعترافات تتهاوى النقود بالجملة على المعترفين.. فالفضائح صارت ذات ثمن قد يبلغ المئات من الألوف.