إذا دفعك فضولك للبحث في جوجل عن سعوديات، سوريات، مصريات، أي جنس ينتهي بتاء التأنيث، فسوف تجد عجبا، إلى حد أنك ستنضم فورا إلى المطالبين بحجب مواقع الإنترنت رافضا هذه الحرية الباهتة والعمياء التي لا ترى في النساء سوى أجسادهن، لذلك لم يكن مخترعوا جوجل أغبياء إلى حد إجبارنا على مشاهدة هذه التفاهات التي تمتلئ بها الشبكة العنكبوتية، فوضعوا طرقا للبحث تسهل عليك الوصول إلى أهدافك من دون المرور على مزابل العاطلين عن الأخلاق.
إذا بحثت في كلمة سعوديات بهذه الطريقة المحددة، فسوف تصل إلى صفحة اسمها معجم أسبار للنساء السعوديات وعنوانه http://www.asbar.com/ar/contents.aspx?c=47 وفيه ستجد قوائم طويلة بأسماء سيدات سعوديات على مستوى عال من التأهيل، وأخريات أنجزن أشياء رائعة يفتخر بها المجتمع، وغيرهن ممن هن في قوائم الشرف.
النساء لسن ملائكة، لكن حين يركز شياطين الإنترنت على نوعيات معينة منهن موجودات في كل المجتمعات البشرية، فلأنهم يعبرون بذلك عن سقوطهم الأخلاقي، فهم لا يرون من الأنثى سوى جسدها، وقد ذكرت لكم يوما رسالة غسان كنفاني إلى غادة السمان حين قال لها: إن وجودك هو ملحمة انتصار تبدأ من عنقك فما فوق لكن للأسف وفي أغلب الأحيان لا ينظر إلى رأس المرأة إلا كمستودع للشر، وهناك من هو على استعداد لإثبات ذلك، ليس فقط مما يراه على شبكة الإنترنت من فقاقيع أفكار، بل أيضا إستنادا إلى تأويلات شتى ليدعم بها وجهة نظر قاصرة عن المرأة.
وعلى الجانبين أي الجانب المتعصب ضد المرأة بوصفها كائنا شيطانيا، والجانب الذي لا يرى فيها سوى وعاء للمتعة، تقف المرأة في معجم أسبار شاهدة على عجز الجانبين عن رؤية حقيقتها الإنسانية، والتي لا تقل في مستواها عن ما يعتقد الرجال أنه أصيل فيهم، وهو الحكمة والنضج وحس المسؤولية والتعقل.
إن المشكلة هي في أن سبخة الإنترنت العربي شاسعة، والمتمرغون في أوحالها أكثر من سواهم بأضعاف مضاعفة، وليست معجزة أن يكتشف المتقصون أن ثلاثة أرباع الشباب العربي يتنفسون في فضاء ملوث بالجهل بحثا عن ملذات عابرة. تاركين أفضل ما في الشبكة العنكبوتية من علم ومعرفة لسواهم، لقد أصبح الإنترنت في متناول الصغير والكبير، الجاهل والعالم، الأمي والمثقف، وبإحصاء سريع نستطيع أن نعرف من هي الأكثرية.