كانت جميلةً مبادرةُ نادي أبها الأدبي يوم الأحد قبل الماضي وقيامه بتكريم الشاعر والإعلامي أحمد عسيري.
كانت جميلةً مبادرةُ نادي أبها الأدبي يوم الأحد قبل الماضي وقيامه بتكريم الشاعر والإعلامي أحمد عسيري. ولعلّ رئيس النادي أنور آل خليل وبقية أعضاء مجلس الإدارة أكثر من يعرفون جهود وعطاءات أحمد الذي قال عنه الصديق أحمد التيهاني صاحب الأماريق ذات لحظة نقاء:
له من الأبناء مئة كلهم فنانون وشعراء وقاصون...أحمد عسيري شيخ بلا قبيلة، يكتب الشعر متى أراد، لكنه لا ينشره متى أردنا.. تتلمذنا على شعره ونحن في مراحل البحث عن مواطئ أقدامنا... وتتلمذنا على إنسانيته، ونحن نقوم بدوره مع أجيال بدأت في القدوم.
تجربته في الحياة بدأت من قرية الملاحة في عسير حيث ولد، إلى أبها حيث استقر وانطلق إلى آفاق نثر فيها طموحات مرت بمحطات عدة يحبها كلها كما أعرف من خلال صداقة بدأت بيننا منذ أكثر من عقد ونصف. من المحطات برنامجه التلفزيوني نافذة على بلدي الذي ما زال عالقا بذاكرة أبناء الجنوب. ومحطة أخرى في التعليم وثالثة في إدارة فرع جمعية الثقافة والفنون بأبها.. وكذلك المكتبة العامة، وإشرافه على القسم الثقافي بصحيفة الوطن، ومحطات أخرى لا تنتهي بقصائده ومقالاته التي ما زالت تنعش أعماقنا بانسيابيتها.
من نصوصه التي نقشت موضعا لها في الذاكرة، قصيدته الجميلة العم صبر العسيري.. قصيدة ما زلت أذكر تفاعل الحضور معها يوم ألقاها في أكثر من أمسية شعرية. فيها يتداخل الشيخ مع نشيج الطلّ، والجدول الظامئ يحنّ للزرع، أما بقايا الريح فتلهو بالحصيرة.. ومن خلاياها يطلّ ابن عشقة بحروفه الراسخة في تكوين المكان. ومنها:
(ورأى فيما يرى النائمُ إيقاع الدفوف
ورشاش الضوء في الساحة يساقط من فوق الكفوف
والمساءاتُ صبايا وابن عشقه ذاب في عينيه شلال الحروف
قال ابن عشقة وانت ياذا يدور البنت والله
إن أهلها قد دروا كان
ماذا يغيضك في زعلهم متى قالوا جرت الأخطار
ولا جرى أسباب
قال ابن عشقه وانت يامن شفاته مثل لمحة
بارق قدروا كان
لكن معها شايب لا يغره مشية في القاع
ولا جرس باب
يامن على معلق يده فاض حنا
تما على الكفين وعلى قدمها
الكهل لو يدري بنا فاضحـنا
يوجب نطي الحد وعلاق دمها)
اخيرا، ربما أدبي أبها لم يكرم أحمد عسيري وحده تلك الليلة، بل كرّم أيضا العم صبر العسيري الذي أحسبه أطلّ من بين الكلمات وألقى نظرة طويلة بقدر احتفالية تليق بمبدع.