أقول عنه 'فخامة الرئيس حسن' لأن المعتاد ألا يقوم مواطن عادي في أي بلد بتحدي العالم بهذا الشكل السافر إلا إن كان رئيساً، ومن نوع تركيبته العقلية خاصة بالطبع
يقول السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير: لا يمكن القبض على أحد من حزب الله لا بعد ثلاثين يوماً ولا بعد ثلاثمائة سنة، وبالطبع فهذه وحدها حصانة مجانية لكل من ينتمي إلى الحزب وكأنهم صفوة الله في أرضه، ولا يمنحها عادة إلا رؤساء دول، ومع ذلك يدعي سماحة السيد بأنه لا يريد إحراج الحكومة اللبنانية مع المحكمة الدولية، أو بالأحرى حكومته التي صنعها بيديه في لبنان، ويقول أيضاً إن المحكمة الخاصة بمقتل الحريري تريد خلق فتنة مذهبية بين الشيعة والسنة، وبالتأكيد فإن كل من يخالف سماحته في ما يقول هو إما طائفي بغيض، أو عميل لإسرائيل وأمريكا، وكل هذا من أجل قرار اتهامي موجه إلى أربعة أعضاء من حزب الله؛ يريد السيد حمايتهم حتى من المساءلة القانونية، ولا يهم إن كانوا قتلة أو مجرمين طالما أنهم من حزب الله الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه بحسب قناعات جماعة الصمود والتصدي؛ فما يجوز لهم لا يجوز لغيرهم، والله يهني سعيد بسعيدة!
إذن هو نفس الخطاب الممجوج الذي تعود أن يُعطي العصمة والحصانة لكل فرد في حزب الله على حساب كل لبنان وأهله؛ حتى لو كانت التبعات كارثية ومدمرة. وهو ما عودنا عليه فخامة الرئيس حسن منذ أن كرهنا في المقاومة بكلامه وتصرفاته، ومنذ أن أصبحت الضاحية المباركة هي من يصنع القرار ويدافع عنه لا بيروت! وأنا أقول عنه فخامة الرئيس حسن لأن المعتاد ألا يقوم مواطن عادي في أي بلد بتحدي العالم بهذا الشكل السافر إلا إن كان رئيساً، ومن نوع تركيبته العقلية خاصة بالطبع؛ فالرئيس دائماً هو الذي يتحدى إن احتاج الأمر، وهو من يقرر، وهو من يدرس التبعات ويحللها في خطاباته كي يُطمئن الشعب، وهو من تقع على عاتقه حماية حدود الوطن بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأيضاً الرئيس وحده هو من يبادر لتوضيح رأي الدولة تجاه أي قضية إشكالية وحساسة تعني الوطن برمته، وهذا ما تعود أن يفعله فخامة الرئيس حسن نصر الله في خطاباته، ولم يدع شيئاً بالمرة للرئيس اللبناني الشرعي، وكأن هذا الأخير غير موجود نهائياً؛ فهل حسن نصر الله ـ بعد هذا ــ مقاوم وصامد كما يقول عنه أتباعه ومريدوه؟ أم أنه رئيس دولة كما يقول الواقع في لبنان، وكما تقوله نبرة خطاباته المكرورة؟ الحقيقة أن أتباع السيد يرونه الصامد الوحيد في هذا الشرق، ومن يجب أن تؤخذ توجيهاته بالحرف، وليس لديهم أي استعداد لسماع رأي آخر في صنمهم المفضل، بل ويعتقدون اعتقاداً جازماً؛ أن كل من يختلف مع سماحة السيد هو متآمر على المقاومة، وخائن للقضية. أي قضية وأي مقاومة؟ لا أحد يدري بالضبط، وربما أعضاء الحزب أنفسهم لا يدرون، أما نحن الذين نعيش في هذا العصر، ونؤمن بمؤسسات الدول وشرعيتها؛ فنراه متطفلاً على كل لبنان بما في ذلك مؤسسة الرئاسة اللبنانية نفسها، وأنه مجرد أداة لتحويل لبنان إلى بلد آخر غير الذي نعرفه.
ما يدهشني أكثر أن سماحة السيد أو فخامة الرئيس لا فرق؛ يؤكد في خطاباته دائماً على الكرامة، والإباء، والعزة والكبرياء؛ بل إن الشعار الذي يظهر خلفه في أغلب خطاباته هو (هيهات منا الذلة)! ومع ذلك يتميز السيد حسن بشيء آخر غير أنه الحاكم بأمره في لبنان حالياً، وغير أنه المقاوم والصامد كما يقول أتباعه، وهذا التميز أجزم أنه الوحيد فيه على مستوى العالم - إلى جانب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد - إذ لم أر في حياتي رئيس دولة يقبل يد أحد من الناس؛ سوى فخامة الرئيس حسن نصر الله الذي يقوم بتقبيل يد السيد علي خامئني، ويكاد يجثو على ركبتيه أمامه من شدة الأدب والخضوع المبالغ فيه في كل زيارة سرية! يقوم بها إلى طهران! وما نعرفه أن رؤساء الدول لا يفعلون ذلك حين يزورون أحدا خارج دولتهم، وإن فعلوها مرة سقطوا في أعين شعوبهم، وأصبحوا عاراً تاريخياً لا يمكن نسيانه؛ الوحيد الذي يفعلها دون أن يخسر في زياراته الخارجية هو السيد حسن. ألم أقل لكم أنه رئيس دولة مميز جداً؟!