• يبدو أن خطاب التشدد أصيب بشروخات هائلة أفقدته ثقة المجتمع به إلى حد كبير، وتبعاً لذلك لم يعد لممثلي هذا الخطاب هالتهم وقداستهم الأولى، لقد اهتزت تلك الصورة في اللاشعور الاجتماعي، ليست مرة واحدة، بل مراتٍ ومرات، ولا تكاد تنطفئ مقولة تثير اشمئزاز المجتمع حتى يخرجوا بمقولة أخرى. هذا ما تفضي إليه دوماً أية فكرة مغلقة؛ دورانها حول نفسها حتى تتآكل، أو كما يقول أدونيس إنها تحمل بذرة سقوطها بداخلها!.
• كيف يمكن لمجتمع أن يثق بخطاب يقترح هدم الحرم وإعادة بنائه بحجة درء الاختلاط، أو يحذر البنات من الجلوس مع آبائهن وحدهن دون وجود أمهاتهن أو إخوانهن، وأن يلبسن الفضفاض خشية افتتان الآباء، كيف يمكن لهذا المجتمع أن يثق بمن يعتقدون أنه لولاهم لامتلأت أرصفة السعودية وشوارعها باللقطاء!، أو يفتي بقتل ميكي ماوس، أو يفتح صفحة على الفيسبوك اسمها العقال يدعون من خلالها لمواجهة النساء المتفقات على قيادة سياراتهن يوم 17 يونيو بالعقال!.
• كيف للناس أن يثقوا بعقلٍ فكّر وقدر، ثم فكّر وقدر، وأخيراً اكتشف أن مطار الملك عبدالعزيز مصمم على هيئة امرأة مستعدة للجماع، ثم فكر وقدر وصرخ بأن هذه مؤامرة لتغريب السعودية وبلدان الخليج وملئها بالجنس والانحلال!.
http://www.youtube.com/watch?v= yTX1vciIn2Q
• كل ما سبق أعلاه يثير الضحك أكثر منه للاشمئزاز، لكن أحدهم مؤخراً خرج وقال إنه عندما يذهب أحد من الوسطى للجنوب أو الشمال فإنه يجد ولاءهم للبلدان المجاورة لهم أكثر من ولائهم للسعودية، كان هذا بعد مناحة ألقاها من التأوهات على الوطنية، وبعد أن حذر الخلائق من أن الذين يطالبون بحقوقهم في هذا الوقت إنما هم يهددون أمننا الوطني. وأتساءل مرة أخرى كيف لمجتمعنا أن يثق بخطابٍ هذه مقولاته وذهنيته؟!.
• يا سيد طارق.. هل يمكنك أن تفهم أن الوطنية ليست مجرد شعور داخلي بالانتماء؟ هل تستطيع استيعاب أن للوطنية بعداً قانونياً جوهرياً، إذا اهتز هذا الشرط اهتزت تبعاً له القيمة الكبرى، التي هي الوطنية، وهذا البعد القانوني للوطنية بكل بساطة هو أننا ننتمي لوطنٍ واحد باعتبار الشراكة فيه، وهذه الشراكة تحتّم التساوي. الوطنية باعتبارها شراكة في الوطن الواحد والمصير المشترك وتساوياً في الحقوق والواجبات. الوطنية يفسدها أي شكل من أشكال الامتياز الطائفي أو القبلي أو العائلي أو الإقليمي.. الخ. أنا شخصياً لا أثق بك، ولا أظن بعد كل هذا أن المجتمع يثق بك ولا بأمثالك أعلاه، ولا بمجمل الذهن الذي تنطلقون منه!.