من عيادته المزدحمة، أو من فوق كرسي برنامجه الفضائي في قناة الرسالة، يوزع الحبيب البروفيسور طارق الحبيب درجات الانتماء والمواطنة. وفي حصة من حراج الكلام الفضائي يزفر طارق الحبيب ثم – يتأوه – متهماً أبناء هذا الوطن في الشمال وفي الجنوب (أن ولاءاتهم وانتماءاتهم للدول المجاورة أكثر من انتمائها لهذا الوطن). وبالطبع، لم يعطنا سعادة البروفيسور أي معيار دلالي أو إحصاء استفتائي ليبرهن عن هذه الأطروحة المشوهة. لم يأت إلينا سعادة – الحبيب – بأي بحث ميداني ينبهنا إلى هذه القصة الوطنية الخطيرة في توزيع الولاء والانتماء. كل ما تشعر به جهاراً نهاراً أن البروفيسور لديه مسطرة من ثلاث جهات جغرافية وعلى قياس هذه المسطرة يوزع الحبيب ما شاء له من حراج الكلام في تقسيم ولاءات ابن الوطن ودرجة انتمائه. ومن المعيب المخجل أن ضيف الفنادق والندوات المدفوعة الثمن، وحبيب رحلات الساعات المحسوبة إلى مطارات الأطراف هو من يوزع علينا درجات المواطنة والانتماء. هو من يدفعني للدفاع عن رفات جدي العاشر المدفون بحب هذا الوطن مثلما يدفعني اليوم لزيارة مسجد الإمام الكبير محمد بن سعود في (طبب) بأحجار بنيت على عرق وعروق الرجال منذ نيف وثلاثمئة سنة.
أخي طارق الحبيب: اسمح لي بزيارتك غداً لأقدم لسعادتكم براهين انتمائي وولائي للوطن الذي ولدت به وعشت فيه وأوصيت بدفني فيه على عمق مترين من قشرة هذه الأرض. اسمح لي سعادة البروفيسور، أن أكون مثلك سعودياً منذ ثلاثة قرون، ولتأذن لي أن أحب هذه الأرض بنفس القدر الذي أنت عليه من الولاء والحب. اسمح لي فقط أن أكون مثلك وبدرجة من المواطنة تقترب إليك. نحن يا سعادة البروفيسور، في الشمال والجنوب، لم ولن ننتظر منك اعتذاراً، أولاً، لأننا في كل شبر من أرجاء هذا الوطن لا نأخذ درجات ولاءاتنا وانتماءاتنا تكرماً منك أو إليك، وثانياً، لأن فراغ الكلام في أستوديوهات الفضاء وحراج الحناجر لم يوحد من قبل وطناً ولم يحدد جهاته. والذين رسموا خريطة هذه الأرض مع الإمام الموحد هم الأجداد العظام الذين أسقوا بدمائهم جفاف هذه الأرض ونثروا عرقهم في ساحات الجهاد حين تلملم عرقك البارد تحت مكيف في حراج الكلام أمام كاميرات قناة فضائية. اسمح لي فنحن لا ننتظر الاعتذار، قدر انتظارنا أن تكون شجاعاً جريئاً لتواجهنا بالبراهين والأدلة على خللنا المزعوم في درجة المواطنة. دعنا نتواجه على ذات القناة بكل ما تحمله من أدوات الشجاعة.