ذهبت بعض الآراء النقدية إلى أنه لا توجد علاقة بين الشاعر طرفة بن العبد وسوق عكاظ، وأشارت آراء أخرى إلى أن عكاظ في النهاية يمثل رمزية تاريخية وحضارية للإرث العربي وليس من الضرورة أن يكون مرتبطاً فقط بمن أنشد قصائده في ذلك السوق.
الوطن رصدت عدداً من الآراء حول هذه القضية، والتي لم تخل كذلك من آراء نقدية تناولت مسرحية طرفة بن العبد التي كتبها الكاتب رجاء العتيبي وأخرجها الدكتور شادي عاشور وتعرض بشكل يومي في المهرجان.
في البداية يرى عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف الدكتور عالي القرشي أن هناك إقحاما لطرفة بن العبد بسوق عكاظ، حيث لم ترصد الأخبار وجود علاقة بينه وبين السوق.
ويرى الدكتور القرشي في حديثه عن مسرحية طرفة بن العبد أن البناء والاشتغال المسرحي لم يكن واضحاً في العمل المسرحي الذي تم تقديمه، وقال: إن ما شاهدناه لا يعدو كونه مشهداً مسرحياً يمكن أن يعد من مسرحة المناهج والتاريخ، مؤكداً أنه كان ينادي بأن تكون النصوص التي يقدمها مسرح عكاظ مفتوحة حتى على غير شعراء المعلقات.
وأضاف الدكتور القرشي أن مسرحية طرفة بن العبد أقل مستوى من مسرحية العام الماضي، مشيراً إلى أن المشاهد لم يخرج منها بإحساس غير الإحساس الذي يصل إليه حين يقرأ أخبار طرفة بن العبد وشعره، ولم يعدُ الأمر في تلك المسرحية عن إعادة نسبة ما ورد في هذا السياق من أقوال إلى أشخاص يعملون ويترنمون بين آن وآخر على خشبة المسرح.
رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي الدكتور عبدالله عسيلان ذهب إلى أن طرفة بن العبد شاعر شاب توفي في العشرينات، مبدياً استغرابه كون من ترجموا لفحول الشعراء لم يعدوه من بينهم ومنهم شوقي ضيف في كتابه الأدب الجاهلي ولم يذكره كذلك صاحب الأغاني أبو فرج الأصفهاني، إلا أن صاحب معجم الشعراء المرزباني ذكره، وكذلك ابن قتيبة. وقال عسيلان في حديثه لـالوطن إنه لم يجد ما يشير إلى أن لطرفة بن العبد علاقة بسوق عكاظ، مضيفاً أن الأنباري في شرح القصائد الطوال أفاض في ذكر قصة مقتله وأخباره مع خاله المتلمس وعمرو بن هند في المصادر المعتمدة، إلا أنه لم يذكر خبراً يشير إلى أن له علاقة بسوق عكاظ. غير أن الكاتب والإعلامي وعضو مجلس الشورى سابقاً الدكتور عايض الردادي ذهب إلى عكس ما أشارت إليه الآراء السابقة، وأكد أنه لا بد أن نعرف أولا ماذا نعني بمسألة علاقة، مشيراً إلى وجود رواية تؤكد تعليق معلقة طرفة بن العبد في سوق عكاظ، مضيفاً أنها من القصائد التي كانت ترددها الناس في عكاظ، ويبقى السؤال بحسب الردادي: هل عكاظ لمن جاء في سوق عكاظ أم إنه كان يمثل رمزية للإرث الثقافي والحضاري لدينا؟ واستطرد: ليس من الضرورة أن يكون الشخص الذي يرتبط بعكاظ مثلاً كقس بن ساعدة والنابغة الذبياني والخنساء ممن أنشدوا قصائدهم في السوق، مشيراً إلى أننا نحتفي اليوم بشعراء معاصرين مثلا أعطوا جوائز عكاظ ولم ينشدوا قصائدهم في ذلك السوق.
الكاتب في الوطن عبدالرحمن الوابلي الذي سبق له أن قدم عدداً من الأعمال الفنية للتلفزيون السعودي، ذهب إلى أن احتفالية المناسبة ربما فرضت على المؤلف أن يقدم شخصية طرفة بن العبد بصيغة أفقدتها إنسانية الشخصية، وقال: إن هناك شخصيات في المسرحية أخذت دوراً أكثر من طرفة بن العبد، ولم تنجح المسرحية في تقديم شخصية طرفة الشاعر الجاهلي وصاحب المعلقات، مضيفاً أن في المسرحية إشكالية تكمن في أدلجة طرفة بن العبد.