خرج محمد مسعد، فعاد الأهلي لوضعه الطبيعي وأحرز هدفين في وقت قياسي ليعادل بهما منافسه الوحدة وينقذ نفسه من حرج نزال الإياب والخروج من أكبر وأغلى البطولات لو انتهت النتيجة كما كانت قبل خروج الكابتن، لكن
خرج محمد مسعد، فعاد الأهلي لوضعه الطبيعي وأحرز هدفين في وقت قياسي ليعادل بهما منافسه الوحدة وينقذ نفسه من حرج نزال الإياب والخروج من أكبر وأغلى البطولات لو انتهت النتيجة كما كانت قبل خروج الكابتن، لكن الله سلم وأراد للأهلي ما لم يرده بعض لاعبيه الذين لو استعاروا شيئاً من روح وحماس جماهيرهم لاكتسحوا جميع المنافسين وبتفوق وتزعموا البطولات كافة.
كنت أقول للصديقين العزيزين البراق الحازمي ومصطفى النعمي، اللذين شاهدت معهما المباراة في منزل الأخير، هل تعلمان أين تباع الروح كي أشتريها بأي ثمن ثم أهبها للاعبي القلعة كيما تعود العزيمة والإصرار والإرادة لقلوبهم وتتخلص أقدامهم من قيود الثقل والكسل والبرود حتى يرجع أهلي زمان أهلي الفن والإبداع سيداً لكرة القدم وفرقها وتشرق شمسه الذهب من جديد مانحة ضوءها الفاتن لعشاق المتعة الخضراء والسحر الحلال الذي يشيعه أبناء القلعة، بل إن عودة هذا الأهلي طبقاً لما تخلعه عليه البلاغة واللغة وجماليات الكلام من أوصاف مستحقة إن لم تكن أقصر من قامته الشامخة، أقول في عودة الأهلي البهي شفاء لكرة القدم السعودية المريضة وحياة لها.
وأنا لا أقول ذلك مبالغة في حب الأهلي كوني أميل إليه ولا هذه السطور محض كلام، إنما شيء تدعمه الوقائع والشواهد والعلامات الحية من أرض الميدان، فآخر عهدنا بمنتخب وطني جميل رفع الرأس وأبهج المتابعين كان قبل أربع سنوات وبعد موسم أهلاوي أصيل وباذخ الأناقة عندما عزفت فرقة الرعب أعذب وأشجى ألحانها سنة 2007، وبمزاج عالٍ زرع الدهشة والإعجاب في أحداق المشاهدين كاسراً سطوة الاتحاد وأسطورته القارية والمونديالية وخزانته المدججة بمئات الملايين كسرها الأهلي مرتين في نهائيين متتاليين وخلال شهر واحد!، لينال الأهلي بجدارة نصف بطولات ذلك العام وينال منتخب البلد تبعاً لذلك أحلى فريق، نصف عناصره الأساسية جاءت من شارع التحلية في جدة معقل النادي الراقي،
وكان منتخباً رائعاً فاجأ أكبر قارات العالم في بطولة أمم آسيا حينذاك ووصل للنهائي وكان الأقرب والأجدر باللقب الآسيوي من العراق لولا أحابيل السياسة قاتلها الله. ثم مرض الأهلي فمرض منتخب الوطن معه، ولن يشفى الأخير إلا إذا شفي الأول لأنه قلبه وعينه وعقله ولأنه باختصار سفير هذا الوطن المعتمد بقرار ملكي من حبيب الشعب خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأطال عمره في خير وصحة وعافية. هل تريدون مثلاً حياً آخر؟ ها هو منتخب الشباب يصل لنهائيات كأس العالم وها هي حقول الفئات السنية من براعم وناشئين يكسوها الاخضرار وتلمع منها بشارات مستقبل ناضج كروياً واحترافياً وثقافياً كل ذلك في آنٍ معاً، وما كان ذلك ليحدث لولا سنابل الأمير خالد بن عبدالله، عبر أكاديمية النادي الأهلي ومركز الأمير عبدالله الفيصل لقطاع الناشئين والشباب في النادي الأهلي أيضاً اللذين هما نتاج فكر الأمير خالد ونتاج تخطيطه الاستراتيجي الخبير بعيد المدى ونتاج عمله وجهده وماله، بدأت تستوي وتزهر براعمهما ومنها ما قد أينع وأثمر من خلال تسيد الأهلي لبطولات الشباب (دوري وكأس) في العامين الأخيرين لينعكس ذلك على المنتخب الشاب ويصل مونديال كولومبيا بعد غياب ليس بالقصير.
فبعد كل هذا ألا يستحق الأهلي ورمزه الكبير الأمير خالد بن عبدالله الذي يعمل في صمت، وهدوء، وعقلانية، ورزانة، وبذل سخي، من خلال هذه المؤسسة الرياضية الحضارية الشاهقة التي اسمها النادي الأهلي، دون أن يطالب بمقابل فهو لا يريد جزاء ولا شكوراً إنما يفعل ذلك لتحقيق مستقبل أفضل لناديه وبلده معاً.
قبل ذهاب نصف النهائي أمام الوحدة لعب الأهلي إياب ربع النهائي في جدة ضد الشباب، وعلى الرغم من الخسارة كان الفريق الأخضر أكثر تنظيماً وانضباطاً وروحاً، ومسعد لم يكن حاضراً، لكن ليس أمام اللاعبين غداً إلاّ تطبيق شعار نكون أو لا نكون بانتصار قوي يعيد هيبة الفريق ويلقي الرعب الأزلي في قلب جاره العجوز، فالاتحاد يخاف الأهلي كثيراً في النهائيات لأن الأخضر كعبه عالٍ على الاتحاد في نزالات الكؤوس ووجه السعد هذه المرة فيصل.
alimakki@alwatan.com.sa