فاجأتني طفلة قريبتي ذات التسع سنوات بسؤالها لي منذ أيام 'حلومة إيش هو الإيمو؟!'

فاجأتني طفلة قريبتي ذات التسع سنوات بسؤالها لي منذ أيام حلومة إيش هو الإيمو؟! مفاجأة السؤال لم تقل عن مفاجأة حديثها قبله ببراءة عن زميلاتها في مدرستها الابتدائية؛ حين أخبرتني أنهن يعرفن أنفسهن بـالإيمو ويتفاخرن بذلك فسألتها؛ ماذا يتحدثن عن الإيمو وماذا يفعلن؟! فتجيبني؛ بأنهن يضعن طلاء أسود للأظافر الطويلة، ولهن قصة شعر معينة ويرتدين الملابس الغامقة والسوداء حين تلتقي بهن في حفلات خارج المدرسة وشدني حديثها لأني لم أتوقع أن تصل ظاهرة الإيمو إلى طفلاتنا بعد أن وصلت إلى مراهقاتنا في المدارس والجامعة؛ ولم أتردد في سؤالها ماذا أيضا؟! لتجيبني دائما حزينات وأنهن أشبه بعصابة يعملن خلالها بنبذ الأخريات ممن هن خارج دائرتهن ولا يترددن في التهديد لهن بممارسة الضرب والقتل أيضا ناهيك عن ظاهرة الإعجاب ببعضهن! كلامها باختصار صعقني وصفعني؛ وأتساءل هنا بصرامة: أين آباء وأمهات هؤلاء الطفلات؟! معقول هناك أم تسمح لطفلة ذات تسع سنوات بوضع طلاء للأظافر أسود أو حتى أي لون! هل هذه السن هي سن مراهقة أساسا لكي نقول هذه مرحلة ووقت وستنتهي، وهو ما أقوله بالنسبة للمراهقين والمراهقات؛ أنا ضد العنف تماما حتى ولو كان عنفا نفسيا؛ ولكن أين هي التربية التي تنهض على توضيح الخطأ من الصواب لهؤلاء الطفلات الصغيرات اللاتي يتلمسن الحياة من تجارب من حولهن؟! كيف نترك لهن أن يقلدن شيئا هو خارج طفولتهن وبراءتها دون مراقبتهن وتوجيههن ومنعهن؟ حتما هن ضحايا أسر لا أقول مفككة ولكنها خاوية على عروشها. لدينا خلل كبير جدا في تربية أطفالنا وهو طبيعي، لأن الخلل أساسا موجود في آباء وأمهات أسرهن! ممن وصل بهم إلى أن ينجبوا هؤلاء الأطفال لمجرد الإنجاب في ديكور اجتماعي أسموه زواج دون شعور بأدنى مسؤولية في استثمار الحياة في الصغار؛ هؤلاء ضحايا آباء وأمهات أنانيين لا يفكرون إلا في رغباتهم ونزواتهم ومتعهم الشخصية وديكورهم الاجتماعي الزواج!
وبصراحة حين ظهرت تقليعات الإيمو عند المراهقات من بناتنا في مدارسنا وجامعاتنا؛ لم تكن تقلقني ولم أرغب بالتحدث عنها؛ لأني أفهم أنها مجرد وقت وستنتهي في مرحلتهم العمرية؛ وأدرك أنها تقليعات يتعمدونها لاستفزاز الكبار كي يثبتوا بأن لهم شخصيتهم التي ينبغي احترامها وهو حق لهم؛ خاصة وأن هذه الفئة مهمشة في المجتمع أقصد المراهقين والمراهقات ولا يبالي بهم المجتمع عقليا ولا نفسيا ولا إعلاميا! ولهذا يتعمدون إرسال رسالة مفادها نحن نحتاج إلى صداقتكم وثقتكم وهو ما علينا القيام به معهم، والنبذ لمجرد النبذ أو القسوة والشدة لن تأتي بنتيجة إلا عكسية؛ وعلينا أن نتعامل مع تقليعاتهم بنضج واحترام حتى يقتنعوا بأنفسهم ويتعلموا من تجاربهم؛ ولهذا دائما ما تكون تلك المرحلة التي مرّ بها جميعنا عابرة وسينتقل منها المراهقون إلى النضج في ظل حكمة الكبار، ولكن أن تصل الإيمو لطفلاتنا ذوات الثمان والتسع سنوات أي ما قبل المراهقة فهو المقلق فعلا؛ لأن هذه الفئة ما تزال يانعة وخديجة التجربة وتحت وصايتنا وتحتاجنا لتأسيس مرحلة مطمئنة للمرور بهم بأمان من المراهقة إلى عالم الكبار؛ ولهذا أكرر أني ضد العنف تماما؛ وعلى آباء وأمهات هؤلاء الطفلات أن يستيقظوا من أنانيتهم وينتبهوا جيدا لرسالة بناتهم لهم قبل أن تقع الفأس في الرأس!