حكاية هذا الكابوس بدأت منذ عام 1392 هـ، عندما قام الأهالي بفتح طريق ترابي يربطهم بالعالم الخارجي، ويمكن بعض السيارات من الوصول لمنازلهم، وهو ما حدث فعلا، ولكن الأمر كان أشبه بالمغامرة غير محسوبة العواقب، فهذا الطريق الذي كبد الأهالي خسائر مادية كبيرة، يحتاج إلى سيارة ذات مواصفات خاصة والأهم أن يكون قائدها مغامرا حقيقيا . ولكي لا أبتعد عن لب الموضوع فإن الطريق الذي أعنيه هنا أحد الطرق الترابية بقرية جبل المدرقة التابعة لمحافظة رجال ألمع وهو ما يعرف بطريق ( القفيل ـ رادة ). وبعد مداولات بين الأهالي في سبيل البحث عن حل لمخاطر هذا الطريق . استقر الرأي على التوجه إلى الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة النقل، حيث بدأت المطالبات بتوسعة الطريق وتمهيده بالشكل العلمي الصحيح، من خلال تعديل الكثير من مساراته الخطرة جدا منذ عام 1404 هـ أي منذ 27 عاما . ولكن للأسف وعلى الرغم من تعاقب الأجيال من المسؤولين طوال هذه المدة الطويلة لم يحدث شيء، فالطريق كما هو الداخل مفقود والخارج مولود . فقد انتقل إلى رحمة الله تعالى الكثير من الأهالي الذين طالبوا بكل الطرق الرسمية والمخاطبات والمعاملات التي تتجاوز العشرات، وورث أبناؤهم وأنا أحدهم هذه المطالبات، وما زالت شغلنا الشاغل وهمنا اليومي لكي نضمن الوصول إلى مزارعنا ومنازلنا التي أرغمنا على الهجرة منها بسبب وعورة وخطورة الطريق. ومع ذلك فليس لنا إلا أرضنا التي ولدنا وعشنا فيها . بل إن بعضنا وأنا أحدهم مازال ينتقل من بيت لبيت بالإيجار بين رجال ألمع وأبها، لأنني لن أستطيع شراء غرفتين أو حتى بنائها في أي مكان سوى في أرضي . فكل هذه السنوات تتقاذفنا وزارة النقل ( المواصلات سابقا) وبلدية محافظة رجال ألمع كل يرمي مطالبنا على الآخر . الشيء الأخطر هنا أنه نما إلى علمنا أن هناك مشروعا لسفلتة الطريق المذكور دون تعديل في وضعه الحالي سواء من جهة المسار أو العرض الضيق جدا والمنحنيات التي من تجاوزها بسلام فقد استحق جائزة المغامر. وما يجدر ذكره أن الطريق يخدم 5 دوائر حكومية (4 مدارس ومستوصف ) وآلاف المواطنين الذين يسكنون في قرى على جنباته فهو سيربط قرية رادة بمقر محافظة رجال ألمع في الشعبين.
فلو تمت سفلتة هذا الطريق بوضعه الحالي، فإن الأمر لا يعدو كونه تسهيلا للانتحار لمن رغب في عبور الطريق، حيث ستنزلق السيارات، مهما كانت مهارة السائق، ولن تستقر إلا في واد سحيق، وحينها من يتحمل مسوؤلية هذه الأرواح ؟ مجرد سؤال أوجهه للمسؤولين.