عقد النكاح يتم بين رجل وامرأة متكافئين في الحرية والحقوق، وأعتقد أن أهم أسرار الحياة الزوجية السعيدة هو الحفاظ على هذا التكافؤ الذي وقعا به عقد النكاح بينهما، والالتزام بشروطه وأي شروط أخرى وضعها أحدهما أو كلاهما.
حين يختل هذا التكافؤ فإن العلاقة بينهما تنحدر من علاقة زوج بزوج لتكون علاقة رب عمل بأجير أو سيد بعبد. ربما تفشل لأنها ليست العلاقة الزوجية التي يبحث عنها أحدهما وإذا استمرت فتستمر مستقرة كالوظيفة وهادئة كهدوء القبور.
وقد تفشل العلاقة الزوجية المتكافئة لكن فشلها يكون نجاحا للزوجين في التخلص منها والبحث عن فرصة أخرى لحياة حقيقية.
حضرت قبل أسابيع عقد قران أحد الأصدقاء وبعد أن انفض الضيوف أطلعني على وثيقة العقد، قلبت أوراقها فرأيت الحقل المخصص لـ شروط الزوجين مكتوبا فيه بقلم المأذون الزوجة تابعة لزوجها.
سألت صديقي إن كان اشترط هو أو زوجته شروطا فأجاب بالنفي، سألته عن هذه العبارة التي كتبها المأذون فأجابني أنها من عند المأذون.
العبارة بسيطة وعادية لكن وجودها في وثيقة قانونية وفي خانة الشروط يجعلها ذات أهمية، إذ يمكن للزوج أن يفرض على الزوجة مستقبلا بعض المطالب كترك عملها مثلا متعللا بأنها تابعة له كما هو مكتوب في عقد النكاح، قلت في نفسي ربما أن المأذونين لديهم تعليمات بذلك.
بعد انصرافي اتصلت على صديق لي يعمل مأذونا وسألته ما ذا يكتب عادة في هذا الحقل من الوثيقة فأجابني أنه يكتب فيه شروط الزوجين أو أحدهما وما لم تكن لهما شروط فالحقل يبقى خاليا.
إن كل ألفاظ الوثائق والعقود مهمة وذات بعد قانوني ومثل هذا العبارة إنما تدشن، بحسن نية، حياة غير متكافئة بين الزوجين، وتشير عليهما بتابع ومتبوع من أول لحظة.
ما ضر لو أن وزارة العدل نصحت المأذونين أن لا يضيفوا شيئا من عندهم على وثيقة عقد النكاح.