هناك حاجة لتدخل أكبر من القطاع الخاص وتوسيع هذا القطاع يجب أن يلقى التحفيز والتشجيع لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة جديدة تساعد على إيجاد فرص عمل

على خلفية الانتفاضات التي تحدث في مختلف أرجاء الشرق الأوسط، وبوجود بعض أصعب المواقف على عتباتهم، قد يبدو من اللافت أن قادة الأعمال التجارية في المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، وقطر يبدون درجة عالية من الرضا عن البيئة الاقتصادية الراهنة في بلدانهم والتفاؤل حول مستقبلها.
هذه هي إحدى نتائج مسح الثقة التجارية الذي أجرته مؤخرا مؤسسة زغبي إنترناشيونال وأوليفر وايمان بين مسؤولين تنفيذيين في الدول الخليجية الثلاث. هذا المسح الذي اكتمل في مايو 2011 هو الرابع في سلسلة من المسوح التي تجرى مرتين كل سنة التي لا تقيس فقط الثقة، ولكن أولويات الإصلاح والرضا عن أداء الحكومة في عدة قضايا اقتصادية. تم إطلاق السلسلة في 2009 وسط الأزمة المالية العالمية وهي تقيس منذ ذلك الوقت التوجهات في مواقف قادة الأعمال التجارية.
ما وجدناه في مايو 2011 هو أن ستة من بين كل عشرة مديرين تنفيذيين يقولون إن ظروف الأعمال تحسنت خلال السنة الماضية، وإن هناك نسبة أعلى (65% في الإمارات، 81% في السعودية، و92% في قطر) يتوقعون أن تتحسن الظروف أكثر خلال السنتين القادمتين. وفيما يعبر ثلث قادة الأعمال عن قلقهم من الاضطرابات السياسية في المنطقة بشكل عام، عبر أقل من واحد من كل سبعة منهم عن قلقهم من أن مثل هذه الاضطرابات ستؤثر على الظروف الاقتصادية في الدول الثلاث التي شملها المسح. القلق الأكبر هو حول الأضرار المحتملة التي يمكن أن تحدثها صدمات الاقتصاد الكلي الخارجية (مثل أزمة بنكية أخرى أو انهيار في سوق الأسهم) – وهو موقف يشترك فيه أكثر من نصف أولئك الذين استطلعت آراؤهم.
العوامل الرئيسية التي تساهم في المستويات العالية لهذه الثقة هي الزيادات الكبيرة في إيرادات النفط والغاز، التي عززت اقتصادات المنطقة، والثناء الكبير الذي قدمه قادة الأعمال لأداء الحكومات الثلاث التي تتعامل مع التحديات الاقتصادية التي يواجهها كل بلد من هذه البلدان – بشكل خاص، حزمة التحفيز الهامة التي طبقتها القيادة السعودية وتدخل حكومة أبو ظبي للتعامل مع الأزمة المالية التي هزت دبي في 2009.
ومع أن هذا المسح لم يعالج القضايا التي تواجهها اقتصادات المنطقة ودرس فقط مواقف كبار المديرين التنفيذيين، إلا أنه مع ذلك هام لأنه يسلط الضوء على بعض المشاكل ذات الأهمية المركزية لمجتمع الأعمال. وكما وجدنا في مسوح سابقة، يستشهد المديرون التنفيذيون الحاجة المستمرة للتعامل مع العمالة والإصلاح التعليمي لأن القضيتين تحتاجان إلى اهتمام فوري وتهددان النمو الاقتصادي للمنطقة على المدى البعيد. في ضوء الاضطرابات السياسية الحالية التي تواجه بعض الدول العربية، من الجدير القول إن الحاجة للإصلاح السياسي لا يلقى إلا اهتماما ضئيلا من قبل قادة الأعمال في هذه البلدان الثلاثة.
أحد أهم بواعث قلق المشاركين في المسح هو الزيادة الكبيرة في أعداد الشباب، خاصة في السعودية، حيث هناك حاجة لاستيعاب حوالي 350,000 شاب يدخلون سوق العمل كل عام. وحول هذه القضية، يبدو أن هناك فجوة بين المواقف التي يعبر عنها المديرون التنفيذيون الأجانب في البلدان الثلاثة وبين قادة الأعمال الذين هم مواطنون في هذه البلدان.
بشكل عام، مع أن أغلبية هامة من جميع المديرين التنفيذيين يقولون إنهم قلقون من تزايد أعداد الشباب، يشير المواطنون فقط إلى أهمية إعطاء الأولوية لتوظيف الشباب المواطنين. رغم قلقهم حول البطالة بين الشباب، يستمر المديرون التنفيذيون الأجانب في تفضيل توظيف الأجانب، خاصة عندما يكون ذلك مقابل أجور ورواتب أقل. ومع أن المديرين التنفيذيين من المواطنين يؤيدون الحصص التي فرضتها الحكومة على توظيف الشباب المواطنين، فإن المديرين التنفيذيين الأجانب يعترضون على هذه الحصص. بالإضافة إلى الفرق في الرواتب والأجور، هناك أسباب أخرى لتفضيل توظيف الأجانب مثل صعوبة فصل المواطنين من عملهم بسبب انخفاض مستوى أدائهم، وأن الأجانب يكونون أكثر حماسا في أداء العمل.
بغض النظر عن هذه الهموم، هناك في كل هذا مجموعة متناقضة من المواقف ومشكلة: المديرون التنفيذيون الأجانب أكثر اهتماما باحتمال الاضطرابات السياسية من نظرائهم من المواطنين؛ جميع المديرين التنفيذيين متفقون على أن العثور على فرص عمل للتعامل مع زيادة عدد الشباب مشكلة تجب مواجهتها، لكن المواطنين أكثر استعدادا لاتخاذ خطوات للتعامل مع المسألة من نظرائهم الأجانب. من الواضح أن هذا يثير مجموعة من قضايا السياسة التي يجب مواجهتها من قبل حكومات المنطقة ومجتمع الأعمال إذا كان يراد الوصول إلى توظيف شباب المنطقة –ويتفق غالبية المديرين التنفيذيين على هذه النقطة. لكن ما هو واضح أيضا هو أن هذه المسألة لا يمكن حلها، على المدى البعيد، بأن تشكل الحكومات الخيار الأول للتوظيف أو بأن تكون الملاذ الأخير. هناك حاجة لتدخل أكبر من القطاع الخاص وتوسيع هذا القطاع يجب أن يلقى التحفيز والتشجيع لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة جديدة تساعد على إيجاد فرص عمل.
استطلاع رأي الناس بشكل أوسع قد يكشف مشاكل أخرى ذات أهمية، مع أن المسح الذي قامت به جالوب لمواطني الخليج مؤخرا وعملنا نحن في زغبي إنترناشيونال؛ يبينان نسبا عالية من الرضا والتفاؤل بين سكان المنطقة. ولكن مهما كان المزاج الحالي، فإن الحاجة لمواجهة الزيادة في عدد الشباب تبدو كبيرة في الأفق. إنها مشكلة يجب أن تعمل الحكومة ومجتمع الأعمال معا لحلها بشكل إبداعي.