سقطت الكنيسة وحدثت الثورة الصناعية في القرن الرابع عشر، وسقطت قوى الفن الغربي، وحلّت محلها قوة الإمبراطور.. قوة البرجوازيين التجار. بهذه العبارة استهل الخطاط والتشكيلي السعودي نافع التحيفة محاضرته، مساء الأحد المنصرم، في نادي الفنون بمحافظة القطيف.
المحاضرة نظمتها جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة، وفيها ركز التحيفة على ما قدمته عائلة مديتشي للفن وللجمال بوصفها إحدى العائلات البرجوازية التي بسطت هيمنتها ونفوذها في مدينة فلورنسا الإيطالية.
وقد رعت العائلة التي امتدّت لأجيال فنانين كثراً مثل مايكل أنجلو ودافنشي، وبذلك تحولت رسالة الفن من رسالة إلهية دينية - برأي الكنيسة - إلى رسالة دنيوية سياسية.
وأضاف التحيفة أن الفن الغربي تقاسمته قوتان: الكنيسة والدولة، (الإمبراطور تحديداً)، وكانت الكنيسة تروج لعقائدها ولأفكارها ولتبشيرها عبر الفن، وكانت تستخدم الفنانين والنحاتين والمعماريين في التبشير للعقيدة المسيحية، بالإضافة إلى أن الإمبراطور يدعم ويخلد ملكه من خلال اللوحات أو المنحوتات أو ببناء القصور والمعالم المختلفة.
وعن التقليد في الفن الإسلامي ذكر التحيفة أن الفنان المسلم يحاكي ويقلد ولا يجد غضاضة إذا قيل له أنت مقلد، وأن المنهج الغربي في الفن قائم على أنه عيب كبير أن تقلد لوحة رسمها غيرك، بينما نجد الخطاط المسلم عندما يقال له خطك لا يختلف كثيراً أو قليلاً عن خط أستاذك، فإنه يكون في قمة الفرح، الفنان المسلم يفرح بالتقليد والغربي لا يفرح به.. لماذا؟ لأن الفنان الغربي يتبع منهجاً قائماً على أن المبدع هو الإنسان الفرد، بينما الفنان المسلم يعتقد أن المبدع هو الله سبحانه وتعالى، ونحن عبيد الله نشهد له بالإبداع المطلق، الخلق قائم على النسبة الرياضية الهندسية المحكمة المطلقة، لأن كل ما ليس برياضي هو متغير، وكل ما هو رياضي هو ثابت. وتحدث التحيفة عن تفكير الخطاط المسلم، مشيراً إلى أنه قد يحاول تقليد الفن التشكيلي عبر الحروفية مثلاً، أو عبر إدخال اللون والملمس وإدخال العناصر التشكيلية في اللوحة الإسلامية، وهذا ليس بجديد، وحدث على يد السلطان المغولي الذي حاول أن يزاوج بين الفن الإسلامي والفن الغربي، ولكن النتيجة كانت مسخاً، لا هو غربي ولا هو إسلامي، لأن الفن الإسلامي يختلف في مضامينه وقيمه وفلسفته الجمالية اختلافًا تاماً عن الفن الغربي.