ثبت أن تدريس لغة ثانية للأطفال منذ سن مبكرة يدعم اكتساب اللغة الأم، وأنه ليس لها تأثير على فكر الطالب وثقافته، بل العكس صحيح توسع مداركه ليكون أكثر فهما وتعمقا في فكره وثقافته الأصلية
حتى لا أدخل في جدل حول تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، سأستند إلى حقائق علمية مبنية على دراسات وأبحاث وتجارب آخرين منهم من لديه تعصب للغته وثقافته مثل فرنسا وألمانيا.. وكذلك تجارب أبناء لعائلات درس أبناؤها اللغة الإنجليزية من مراحل الروضة والتمهيدي مرورا بالمرحلة الابتدائية أثناء رحلاتهم العلمية في دول لغتها الرسمية هي اللغة الإنجليزية.. وتدريس اللغة الإنجليزية في مرحلة مبكرة من العمر ضرورة يقتضيها العصر الذي نعيش فيه.. وهو إنجاز يجب عدم التأخر في تحقيقه، فعامل الوقت هو العدو الأول لأي إنجاز.. وأرجو أن لا نتأخر كثيرا لنكتشف بعد سنوات أن الوقت قد هزمنا ونكتشف خطأ كبيرا اقترفناه. فتدريس اللغة الإنجليزية يجب أن يبدأ من المراحل المبكرة في التعليم أي من مرحلتي الروضة والتمهيدي حتى نضمن تدريسا فاعلا واكتسابا حقيقيا للغة من قبل الدارسين نظرا للحقائق الآتية:
الأولى: أن تدريس اللغة الإنجليزية قبل البلوغ هو أجدى وأقوى وفق الدراسات، حيث إن الطالب يكتسب اللكنة الأصلية وحيث كمية اللغة المكتسبة تكون أكبر.
الثانية: أن 98% من محتوى الإنترنت مكتوب باللغة الإنجليزية، ويبقى 2% تتقاسمها بقية لغات العالم. فالدراسات والأبحاث والاكتشافات والاختراعات وتبادل المعلومات بين المؤسسات والأفراد والشركات والجامعات مكتوبة باللغة الإنجليزية. وعلى مستوى الاتصال بهدف التعريف بالدين والثقافة تكون اللغة الإنجليزية السائدة. ولغة الندوات والمؤتمرات والاتصال الشخصي بين الأفراد والجماعات عند اللقاءات هي بمعنى أن المتحدثين يتحدثون لغة ليست لغة أي منهم Lingua Franka الإنجليزية حيث تسمى الأصلية.
الثالثة: إن دولا متعصبة للغتها وثقافتها ولديها حساسية مفرطة تجاه ذلك مثل ألمانيا وفرنسا وصلتا إلى قناعة أن تدريس اللغة الإنجليزية منذ سن مبكرة أمر شديد الأهمية.. فقررت خمس عشرة (15) ولاية من ولايات ألمانيا الستة عشر تدريس اللغة الإنجليزية من السنة الأولى الابتدائية والولاية السادسة عشرة من السنة الرابعة الابتدائية.. أما فرنسا فقررت تدريسه في المرحلة الابتدائية من سن الحادية عشرة..
الرابعة: في دراسات علمية قام بها أكاديميون ومتخصصون ثبت أن تدريس لغة ثانية للأطفال منذ سن مبكرة يدعم اكتساب اللغة الأم، وأنه ليس لها تأثير على فكر الطالب وثقافته، بل العكس صحيح توسع مداركه ليكون أكثر فهما وتعمقا في فكره وثقافته الأصلية.
الخامسة: وجد في تلك الدراسات والبحوث العلمية أن هناك ارتباطا إيجابيا وثيقا بين الدرجات العالية في مواد الدين واللغة العربية وبين تدريس اللغة الإنجليزية.
بمعنى أن الطلاب الذين درسوا لغة ثانية في مرحلة مبكرة كانت درجاتهم في المواد الدينية واللغة العربية أعلى من الطلاب الذين لم يدرسوا لغة ثانية في مرحلة مبكرة.. هذه حقائق علمية وصل إليها خبراء في جامعاتنا نتيجة دراسات وأبحاث علمية.
السادسة: في حالات فردية نتيجة اتصالات شخصية وليس بناء على دراسات علمية.. وجُد أن أبناء المبتعثين إلى دول لغتها الأساسية هي اللغة الإنجليزية ودرس أبناؤهم المرحلة الابتدائية فيها وعادوا لإكمال دراستهم في المملكة وجُد أن أبناء هؤلاء المبتعثين حصلوا جميعا على نسب تتعدى 90% في المرحلة الثانوية.
وهذا يعني أن نسب نجاحهم في المواد الدينية واللغة العربية 90% فأكثر.
السابعة: جميع المدارس الأهلية تقريبا تدرس اللغة الإنجليزية من مرحلتي الروضة والتمهيدي.. ولم نر اختلالا في ثقافة ناشئينا وفكرهم.. ولم يرفع أولياء الأمور شكوى من قلة دين أبنائهم وبناتهم بل نرى تزايد المطالبات من أولياء الأمور بإدخال اللغة الإنجليزية في المدارس التي يدرس فيها أبناؤهم في مرحلة مبكرة.
أقول لسمو الوزير ومعاونيه إن تدريس اللغة الإنجليزية منذ مرحلة مبكرة واجب وطني يمكِّن ناشئينا من التواصل مع العالم الخارجي للإفادة والاستفادة.. للإفادة للتعريف بديننا وثقافتنا وإنجازاتنا.. والاستفادة منه فيما وصل إليه من تطوير وإنجاز لنقل ذلك الإنجاز إلى بلادنا. وأقول لسموه الكريم إن ديننا ولغتنا وثقافتنا ليست بالضعف الذي يتصوره البعض، بحيث يتم إضعافها بتدريس لغة أخرى.. بل إن ديننا ولغتنا وثقافتنا من القوة التي نعرفها والصدق الذي نؤمن به، بحيث ستكون مؤثرة لا متأثرة. وأقول واجب وطني لأن لغة العالم اليوم شئنا أم أبينا هي اللغة الإنجليزية. ويعلم الله أن هذا ليس منطلقا من إيمان أو حب لثقافتها بل هي حقيقة هذا العصر التي يجب أن ندركها ونتعامل معها.
الشواهد على ذلك كثيرة.. وبالمقابل ليست هناك شواهد ذات عمق علمي على أن تدريس لغة ثانية في سن مبكرة له تأثير على الفكر والثقافة واللغة الأم.
العالم اليوم متسارع الخطى، ولا مكان فيه للمترددين الكسالا وأصحاب الجدل الذي لا يستند إلى حقائق.
أرجو يا سمو الوزير أن نتعامل مع قضايانا بوعي كامل وموضوعية متناهية ونحتكم ونسنتند إلى الحقائق العلمية الثابتة التي لا تقبل الجدل.. فنشر ديننا وثقافتنا يتطلب أداة فاعلة، وإذا كان محتوى الإنترنت مكتوب باللغة الإنجليزية بنسبة 98% فإنها الأداة الفاعلة لنشر ديننا وثقافتنا.
مثل هذه الحقائق يجب ألا تغيب عن وعينا وعن تفكيرنا، ونحن نأخذ قرار تدريسها في مرحلة مبكرة جدا من التعليم.. حفظ الله لنا ديننا وثقافتنا وفكرنا.. وأدام علينا ما ننعم به من أمن واستقرار.