لم أكن أنوي الكتابة من جديد حول أوضاع جمعيات الثقافة والفنون بعد مقال' جمعيات الثقافة والفنون في مهب الريح'
لم أكن أنوي الكتابة من جديد حول أوضاع جمعيات الثقافة والفنون بعد مقال جمعيات الثقافة والفنون في مهب الريح ، ولكن ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين، من حركة تغيير لمديري عدد من فروع الجمعية تحت جنح الصمت الإعلامي كان لافتاً ومثيراً للتساؤلات؛ حيث تم الأمر بهدوء غير مسبوق في حالات مثل هذه . وأعتقد شخصياً أن أهم سبب لهذا الهدوء هو أن معظم المديرين الذين طلب منهم تقديم استقالاتهم فضلوا الانسحاب بهدوء دون إثارة الغبار كما قال لي أحدهم .
من المؤكد أن تجديد الدماء وإحداث تغييرات هيكلية في أي مؤسسة ثقافية أو غيرها أمر مطلوب إذا كان الهدف منه تطوير الأداء بما يتوافق مع العصر، لكن المدهش أنه في حالة جمعيات الثقافة والفنون جاء الأمر بشكل أثار حفيظة بعض المديرين السابقين وبدون أي تمهيد سابق بأن هناك مرحلة جديدة ـــ سواء عن طريق التصريح أو التلميح ـــ يمكن أن تؤدي إلى تغيير هيكلي في الجسد المتعب لهذه الجمعيات، حيث جاء الطلب من المديرين المراد إبعادهم عن طريق اتصال هاتفي ختم بطلب تقديم الاستقالة ، فيما يعتبر إقالة بطريقة مؤدبة . والتساؤل هنا هل هذا حل يمكن أن يرتقي بعمل الجمعيات إلى الأفضل ؟ ، بالطبع لا أملك الإجابة ، فقد تكون أو بعضها لدى متخذ القرار، الذي رأى أنه الحل ؟ . ولكن في رأيي الشخصي أن المشكلة الأكبر للجمعيات هي الاعتمادات المالية الضعيفة والمباني المتهالكة أو تلك التي لا تصلح حتى لـسكن عزاب ، فلن يجدي أي تغيير إداري دون أن يكون هناك ميزانية تمثل الحد الأدنى من متطلب تنفيذ فعاليات ثقافية حقيقية ... فهل لدى الإدارة العليا لجمعية الثقافة والفنون أي حل في هذا الإطار ؟ . أتمنى ذلك .
هناك جانب آخر لعملية التعيين،هو أن الأندية الأدبية الشقيقة الكبرى للجمعيات دخلت فعلياً مرحلة انتخاب مجالس الإدارات ، فلو كان التغيير إلى الانتخاب في فروع الثقافة والفنون بديلاً للتعيين، لكان الأمر نقلة نوعية مواكبة فعلاً لمتطلبات المرحلة، حتى لا تقع الجمعيات في المشكلة نفسها التي ما زالت تعانيها الأندية بعد مرحلة التعيينات .
شخصياً لمست تخوف البعض من أن الوجوه الشابة ـــ في إدارت فروع الجمعيات ـــ التي تتعامل مع الفنون العصرية قد لا تعطي الفن الشعبي أي أهمية في نشاطها المستقبلي ، مع أنه جزء مهم من مسؤوليات فروع الجمعية منذ تأسيسها ، وأنا هنا لا أؤكد ولا أنفي هذا الطرح ، لكني أجعله على طاولة المديرين الجدد الذين لاشك أنهم جديرون وينتظر منهم الكثير ، فهم أقدر على الإجابة على تساؤلات المتخوفين من استبعاد الفن الشعبي؟.