تتمتع سوق الأسهم السعودية بشعبية كبيرة لدى المواطنين، وإن شابها بعض التراجع بعد انهيار عام 2006.
ولكن على الرغم من هذه الشعبية، فإنه لا يمكن اعتبار سوق الأسهم مرآة تعكس الأداء الحقيقي للاقتصاد السعودي.
فالشركات المدرجة لا تمثل النشاط الاقتصادي بشكل واقعي، ومعظم الاكتتابات الأخيرة كانت إما لشركات تحت التأسيس تعاني الأمرين، أو شركات قائمة يبيع ملاكها حصصهم بأسلوب التخارج.
وهذا الأسلوب يخدم الملاك المؤسسين وليس الملاك الجدد.
وإلا لماذا يقوم صاحب عمل تجاري مربح ببيعه لو لم يجد فرصة أفضل للاستثمار أو لتخفيض مخاطره؟
يعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كبير على قطاع المقاولات، ولذلك نجد أن معظم الإنفاق الحكومي الرأسمالي يأتي في صورة مناقصات. وقد أدت هذه الطريقة المتبعة لتطوير البنية التحتية إلى خلق كيانات كبيرة تحتكر المناقصات الحكومية، وبالتالي لا تصل المنفعة الاقتصادية إلا إلى أيدي القلة من ملاك هذه الشركات الضخمة.
وباتت بذلك محمية من المنافسة لارتفاع رأس المال اللازم لدخول هذه الصناعة، إلى جانب خبراتها المتراكمة على مر الزمن والعديد من العقود الحكومية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تلك الشركات، وعلى الرغم من كونها عصباً رئيسياً للاقتصاد، إلا أن مستوى الشفافية فيها يكاد يكون معدوما لأن ملكيتها تعود إلى القطاع الخاص. ولذلك فإنه من الضروري استخدام سوق الأسهم السعودية لإعادة توزيع الثروات المكدسة الناتجة عن احتكار المناقصات الحكومية وإشراك المواطنين في عوائدها، وفرض مستوى أعلى من الإفصاح على تلك الشركات من خلال إدراجها في سوق الأسهم.
ويمكن للحكومة أن تفرض على الشركات التي تشكل المناقصات الحكومية معظم عوائدها، أو حصلت على أكثر من 10% من إجمالي المناقصات الحكومية على مدى السنوات الخمس الماضية، أن تطرح نسبة لا تقل عن 30% من أسهمها للعامة بسعر عادل.
وبهذا الشكل، يتم إشراك المواطن في هذه الصناعة المربحة، ويتحتم على ملاك الشركات إيجاد فرص استثمارية جديدة لحصيلة الاكتتاب الذي سيحصلون عليه. إن براعة هؤلاء الملاك في إنشاء مثل هذه الشركات الضخمة تشير إلى قدرتهم على خلق كيانات جديدة مربحة، ولكنهم يفتقرون إلى الدافع كون جل أموالهم مستثمرة في شركات المقاولات القائمة. وبهذا الشكل، يستفيد الاقتصاد السعودي ككل من توزيع أكبر قدر من الميزانية الحكومية على قطاع أوسع من المواطنين، فضلا عن حركة أكبر لدى أصحاب رؤوس الأموال. وقد يتنافى هذا الطرح من الحرية الاقتصادية المطلقة، ولكن الوضع القائم يتعارض مع منع الاحتكار وتكافؤ الفرص.