هناك أناس يمرون من أمام التاريخ دون أن يتركوا بصمة واحدة، وهناك أناس أجبروا التاريخ على رصد أعمالهم

هناك أناس يمرون من أمام التاريخ دون أن يتركوا بصمة واحدة، وهناك أناس أجبروا التاريخ على رصد أعمالهم، وتسجيل أسمائهم في ذاكرته التي لا يصل إليها مرض الزهايمر.
من شروط الالتحاق بتاريخ الأبطال والمتفوقين، أن يكون المتقدم للعمل في الوسط الرياضي ـ رئيس ناد، عضو شرف، لاعباً، حكماً ـ، لديه طموح، وهدف، ورؤية، منها ما هو شخصي، ومنها ما يتعلق برفع أداء الجهة التي يعمل بها.
وما أكثر الذين يكررون أنفسهم كل موسم، حتى وصلت أخطاؤهم إلى درجة لم يعودوا مرغوبين ممن صوتوا لهم وصفقوا في وقت سابق، لأنهم لا يؤمنون بالتطوير، ولا يسعون للاستفادة من الأخطاء التي يقعون فيها، وليس لديهم الاستعداد لاستنساخ تجارب المتفوقين.
تلك حقائق يسجلها واقع وسطنا الرياضي، فأغلب رؤساء الأندية على سبيل المثال، ربما كان بعضهم لا يعرف عن ناديه الذي سيرأس مجلس إدارته شيئاً، وإن عرف فذلك قد يكون من خلال قراءة مقال، أو كتيب صغير وهو في سيارته في طريقه إلى الجمعية العمومية.
ومثل هذه الشخصية مهما كان اسمها، أو قوتها المالية، لن تجلب للنادي إلاّ المعاناة، لأنها لا تحمل معها ـ خارطة طريق ـ إلاّ تلك التي في شاشة سيارتها الخاصة، والتي ستقف بها عند بوابة النادي، لا كما وقفت سيارة أحدهم في سنوات مضت عند بوابة النادي المنافس.
ولو أن كل رئيس ناد قبل أن يتقدم لرئاسة ناديه، وضع برنامجه الواضح المتطابق مع احتياجات النادي، ووضع لنفسه مدة زمنية لتحقيق أهدافه ـ طبعاً البطولة ـ، وأشرك جمهور النادي في بعض القرارات، لأمكن تحقيق الأهداف في مدة زمنية قصيرة.
الواضح أن بعض رؤساء الأندية المحلية يشبهون إلى حد بعيد بعض رؤساء الدول العربية، فما أن يأتي إلى كرسي الرئاسة حتى ينقلب على الشعب، والشعب الذي أعنيه هنا هو الجمهور، وإن خسرت الجمهور، فهذا يعني أنك لن تستطيع الاستمرار، وعندها ستكثر أخطاؤك، ويكثر كلامك، وتفقد أهم كروتك وهو الجمهور، الذي يردد كلمات ذلك المواطن التونسي هرمنا، هرمنا.
هل سمعتم عن فريق يسمى ـ لخويا ـ يلعب في الدوري القطري؟، وهل تعلمون أنه تأسس قبل عامين فقط، ومع ذلك حقق بطولة الدوري القطري هذا الموسم، متفوقاً على أصحاب المال والتاريخ والعراقة.
إنها كرة القدم، التي تحولت من رياضة للترفيه والتسلية، إلى علم تفتح له الأكاديميات، ويجلب له أفضل مدربي العالم في الإعداد والتوجيه، وفريق ـ لخويا ـ القطري واحد من حالات يجب أن تدرس ويستفاد من فكرها الذي أوصل فريقاً صغير ومغموراً إلى بطولة للدوري. منذ أكثر من عقدين من الزمن لم يحقق الأهلي والنصر بطولة الدوري، وهما العريقان تاريخاً وجمهوراً، فهل هذا يعني أنهما غير قادرين على منافسة الاتحاد والهلال، ومن بعدهما الشباب، وهل مشكلة هذين الفريقين هي المال، أم سوء تصريف المال، أم غياب الفكر، وكل ذلك من مهام الإدارة؟.
أليس بمقدور النصر والأهلي أن يتحولا الموسم المقبل إلى ـ لخويا السعودية ـ، أم أن الوضع سيستمر على ما هو عليه.
لا شك أن ما ألمسه من عمل ورغبة في الأهلي بإعادة الحياة لفريق القدم الأول الذي أحرجه فريق تحت 21 سنة، مع حرص على تغيير هيكلة النادي الإدارية، فإن المرحلة المقبلة تحتاج إلى إسناد مهمة التنظيم الإداري داخل النادي إلى أحد محبي النادي المخلصين، وهو خالد باسهل الذي قدم من جيبه الخاص للنادي أكثر من ثمانمائة ألف ريال، وهو الرجل الخبير إدارياً، ولا زال يخدم النادي من خارج أسواره، فهل يبدأ الأهلي فتح صفحة الرجل المناسب في المكان المناسب؟.