كل حوادث السيارات هذه تحدث مع أن السعودية تمنع بيع وتداول الخمور..

كل حوادث السيارات هذه تحدث مع أن السعودية تمنع بيع وتداول الخمور... كل حوادث السيارات تحدث مع كل جهود المرور السرّي، والكاميرات، وساهر... كل حوادث السيارات تحدث مع أن الفقهاء والمشايخ حرّموا تجاوز السرعة المطلوبة، وحرّموا قطع الإشارات. تتخطّف عجلات السيارات أرواح الصغار والكبار في كل لحظة، وإذا أردنا أن نعرف جيداً حجم الكارثة التي تتسبب بها حوادث السيارات لنرجع إلى وثائقي مميز، وثائقي لم يعرض في قناة كبرى، أو تخصص له أستديوهات ذات إمكانات فنية عالية، إنه وثائقي صغير من صناعة مبدع سعودي هو: علاء المكتوم، بثه على اليوتيوب؟
فور مشاهدتي المتكررة للفيديو تواصلت مع علاء، سألتُه عن ظروف إعداده للفيلم، حيث أعدّ علاء هذا الوثائقي الرزين بعد أن صعق بوفاة ابن خاله عماد، حينها تبلورت الفكرة وبدأ بالعمل عليها. يقول لي: وفاة عماد -رحمه الله- مؤثرة في حياتي فقد كانت تلك هي المرة الأولى التي أفقد حبيباً مقرباً مني بسبب حادث مرور. ففي حين يحفزني العامل الذهني للبحث ورصد الحقائق ومعرفة الإجابات، كان العامل العاطفي يحفزني بشعور أشبه بالرغبة في الرثاء.
اشتكى علاء من شحّ المصادر والإحصائيات، معتبراً: الصعوبة الوحيدة كانت في الخطوات الأولى، وذلك في رحلة البحث عن المصادر الموثوقة. هنالك شح كبير في توثيق الإحصاءات والأرقام من أجهزة المرور الرسمية، وإذا وجد شيء فهو في الغالب قديم عهد. وبسبب ضعف التوثيق، أو عدم الاكتراث بنشره علناً، ضاع وقت كبير مني في التنقيب عن معلومات يمكن الاعتماد عليها من باحثين معروفين في سلك المرور أو التعليم الجامعي.
يقارن هذا المبدع في الفيلم بين الإرهاب المسلّح وبين إرهاب الشوارع، بل يضع لك أرقاماً صادمة تبين لك كم أن إرهاب الشوارع أشد فتكاً وأكثر تقتيلاً، يقول في حديثه: ما يحدث من مجازر على الشوارع والطرقات هو في نظري لا يقل عنفاً ووحشية وخطورة عن الإرهاب الذي نعرفه، ضحايا المرور في السعودية أعلى من ضحايا العمليات الإرهابية في العراق بنفس السنة. هذا النوع من الفك والربط للمعلومات يعجبني، فهو يجعلنا نقلب الحقائق وننظر إليها من جوانب جديدة توضح لنا الصورة كاملة. فحتى نعرف ضخامة الشيء أو صغر حجمه لابد من مقارنته بأشياء أخرى. لك أن تعرف مثلاً أن سأل في الفيلم: كم تتوقع عدد وفيات حوادث المرور في السعودية خلال العشرين عاماً الماضية؟! وفي الإجابة على السؤال، قال لنا إن ضحايا أحداث أيلول الأسود، وضحايا حرب الصحراء الغربية، والحرب بين الهند وباكستان، وحرب الخليج الأولى، وحرب الاستنزاف، وحرب الستة أيام، يبلغ مجموع كل ضحايا هذه الحروب 82 ألفا، بينما ضحايا حوادثنا نحو 86 ألف ضحية، بينما الإصابات 611 ألف مصاب! حقاً إنها حرب يا أخي!
 قال أبو عبدالله غفر الله له: لو أن كل إنسان عانى من أمر حتى صار كابوساً أمامه شمّر عن ساعديه وبدأ يعالجه بالبحث والقراءة أو بالإعلام والأفلام، أو بالإرشاد والممارسة المدنية لتعدّلت الكثير من السلوكيات السلبية التي يعاني منها المجتمع. نموذج علاء هو نموذج واضح على الشخص الإيجابي الذي وضع مساهمته لمكافحة خطر داهم هو أمر الحوادث المرورية المقلقة. استمتعوا بهذا العمل الرائع: 

http://www.youtube.com/watch?v=hlUplHf3OoA