يقول السيد موسوليني إن بوصلة الدبابة العربية ليست مختلة كما تظنون؛ بل هي تمارس عملها الذي جلبت أساساً من أجل القيام به عندما تستدعي الحاجة، ولذلك فمعلوماتكم عنها قاصرة تماماً، وعلى الأرجح هي مستقاة من المندسين الذين يبثون الإشاعات المغرضة وسط الشعب الصامد؛ بدليل: أنها تسير بانتظام ولأهداف محددة، وأن مداها وضجيجها لا يتجاوزان الميادين والساحات الضالة، وأنها لا تقصف أبداً إلا المارقين داخل الحمى، والذين لا يقدرون أبداً شعار: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة؛ صحيح أنها معركة طال انتظارها، وربما يئستم من حصولها؛ لكن الصحيح أيضاً أنه ليس من مهام الدبابة العربية ـ كما تتوهمون ـ أن تدافع عن وطن مستباح، أو أن تستعيد أرضاً نُكبت في كرامتها ذات هوان. السيد موسوليني يؤكد لكم أن هذا هراء وسفسطة، وأن عليكم أن تصححوا معلوماتكم وفقاً للحقائق التالية: الدبابة حين تأخذ الجنسية العربية؛ تعاد برمجتها كي تمشي على جثة الشعب العاصي، وتدور على فتافيت الأرصفة، ولكي تحمي تماثيل أصحاب الفخامة، وجمهوريات الصمود والتصدي، وهؤلاء أهم وأغلى كما يقول السيد موسوليني؛ فلماذا تحملونها فوق طاقتها إذن، وتشيرون إلى الهضاب المحتلة؟! هذا ليس عملها، وعار عليها إن غيرت العمل. ألا تعلمون أن الدبابة العربية تُجلب أصلاً من أجل حماية كرسي، وحزب قائد، وربما تلهو كجواد أمام كاميرات التلفزيون في عيد تصحيح؛ كي تُدخل التسلية على قلوبكم وتشعركم بالقوة والتمكين؟ لا تستغربوا وتعاندوا؛ فمهمة الدبابة العربية غالباً وربما في كل وقت كما يقول موسوليني: أن تتجول في شوارع المدن، وأن تأخذ صورة تذكارية وراء أحواش المنازل الآثمة؛ التي يحاول أهلها العودة إلى الحياة دون إذن مسبق من السيد القائد، وهذه الأخيرة وحدها قلة أدب وهمجية كما يقرر السيد موسوليني، واندساس متآمر وسط الشعب؛ لأن الدبابة العربية الناجحة: سد منيع لحماية القصر، والدستور والبرسيم، والسلطة الشرعية بالثوم والزعتر، وإن غيرت مكان التمركز الطبيعي؛ فإلى مدينة مارقة / مزعجة من مدن الوطن؛ لم تلتزم بطابور الصباح، ولم تغن بالروح بالدم نفديك يا... يا أي أحد، ولم تكتب بدم أطفالها على الحيطان: نموت نموت ويحيا السيد موسوليني، وستكونون جاحدين بالمرة حينما تطلبون منها أن تغادر المدن، وتتجه إلى الحدود؛ فهذه مسافات بعيدة وخطرة جداً لم تُصنع من أجلها الدبابة العربية، ووفقاً لقدراتها تلك؛ فإن الساحات والحدائق هي خيارها المفضل الذي تعمل فيه بكفاءة، وواجبكم أن تقدروا كل ما تقوم به من أجل حماية النظام العام بدلاً من حدوث العكس، وحتى لو اتكأتم على معطيات العصر الحديث الذي يرفض رؤية الدبابة في غير مكانها الطبيعي، ويصر على وجودها على الجبهات وما شابه؛ فعليكم أن تؤمنوا أولاً أن موسوليني دائماً على حق في كل ما يقول ويفعل، وأنه وحده من يقرر متى تخرج الدبابة ولأي سبب تخرج؛ بل ويحدد لها الأهداف المحتملة وأماكن المندسين، وله في السابقين من الآباء والرفاق أسوة حسنة. أما الهضاب التي تشيرون إليها بكل نزق وجلافة وتطالبون بتحريرها سلماً أو حرباً؛ فهي في أيد أمينة، وموسوليني الذي هو دائماً على حق؛ يعرف متى يستعيدها وكيف، ولن يُجر إلى معركة يحددها العدو؛ بل يكفي أن يبقى جامداً ـ عفواً صامداً ـ ريثما يشعر أنكم جميعاً تؤمنون أنه دائماً على حق، ولا تعارضونه في شيء على الإطلاق، وبعدها يمكن أن يحرر الهضبة؛ فهو لا يقبل الإصلاح أو التغيير تحت الضغط كما تعلمون. لكن وبالعقل: أنى له أن يُحرر هضبة أو حداً مستباحاً وبينكم من يحاصر دباباته داخل الشوارع والحدائق والأحواش؟ ويمنع عنها حرية التجول؛ بل ويندس بينها وبين حدوده المستباحة، ولأنني مشفق عليكم من هذه الأيام الحالكة السواد؛ فأرجو أن تتعقلوا وتستمعوا إلى وصايا السيد موسوليني؛ قبل أن يفاجئكم هو ودباباته بشكوى جماعية إلى مجلس الأمن للمطالبة بشعب بديل لا يمنع الدبابة من حرية التجول والحركة الآمنة وسط المدن والساحات، وبشعب عاقل لا يتكبر فيرى أن موسوليني ليس على حق ولو لمرة واحدة، فهل فسد الزمان العربي لدرجة أن يستطيع شعب العيش دون موسوليني، ودون دباباته ووصاياه؟! من يدري فالأيام حبلى، وكم أخشى من حبل الأيام! أخيراً: بعض الدول العربية تعرض حالياً حلقات من مسلسل موسوليني وبفروقات طفيفة؛ لا تفوتكم فربما فيها الكثير من المفاجآت.