مدلول الشمري -الخفجي

أن تنشر ثقافتك وتجعل الغير يتعرف عليها شيء جميل. والأجمل منه أن تكتسب ثقافات الآخرين ولا تنشر سوى الطيب منها. هذا ما عايشه الشعب السعودي قبل أكثر من نصف قرن عندما اختلط شمالهم بجنوبهم وشرقهم بغربهم ، فبالرغم من أنهم يحملون الجنسية السعودية ويتكلمون العربية ويدينون بدين واحد ، إلا أن لديهم اختلافا في بعض العادات والتقاليد التي أصبحت بعد اختلاطهم ومزجهم بمجتمع واحد متوافقة وأصبح من يسكن في شمال السعودية لا يستغرب القزوعي الجنوبي ، وأيضاً من يقطن في جبال عسير يعرف الدحّة الشمالية ، أصبح مواطنو المملكة بعد الشتات يفتخرون أن العرضة النجدية دخلت كل بيت وأصبح الكبير والصغير يتمايلون طرباً بألحانها. امتزاج الحضارات في السعودية جعل أهل الشمال يأتون بمقامات حجاز وسيكا كي يطربوا بها في السامري بعد أن كانت تقتصر على البياتي، وفي امتزاج هذه الحضارة جعل الينبعاويون يحيون جلسات صوت و لويه خليجية.
أما بعد، فبعد أن تعايش المجتمع مع بعضه بعضا وتمازجت أمزجتهم كان لا بد لهم أن يتعايشوا مع العالم ويروا العالم الخارجي ، فكان يحظى كثير ممن تعلم أثناء الستينيات والسبعينيات بالبعثات خارج البلاد وأتوا بعد ذلك كي يخدموا بلادهم بشتى المجالات ، كالطب والهندسة والعلوم العسكرية كان بعضهم ذهب بِطًرق ثوبه كما نقول بالعامية وأتى محمّلاً بالشهادات العلمية يرتدي بنطالاً من الجينز و قصات شعر كيرلي، عاد إلى هذه البلاد ربما لم يكلف نفسه بنشر ثقافته على المجتمع الذي تعايش معه ربما لخمس سنوات ، وكان كل شيء في بلده يعتبره عاراً إذا نقله إلى الغرب. (هذا في السابق) ، وأما اليوم فنحن نشاهد في السنوات الخمس الماضية كثيرا من أبناء هذه البلاد يبتعث إلى الخارج للدراسة بمختلف المجالات ، وأصبح كثيرٌ منا له أخ أو قريب مبتعث للدراسة في الخارج ولست هنا كي أمتدح الدولة بهذه السياسة التعليمية. يفرحني ما تتناوله الصحف عن إنجازات بعض الشباب المبتعثين في الخارج، الذين أثبتوا أن شباب هذا البلد كفء وفيه خير من الشباب الذين يستطيعون أن يواكبوا ما وصل إليه العلم في الدول المتقدمة، فبالرغم من هذه الفرحة إلا أن لها ما يعكرها فقبل عدة أسابيع كان أحد المبتعثين السعوديين، قد شارك في إنجاز طبي مع إحدى الفرق الطبية اليابانية، وقد نشرت بعض الصحف هذا الإنجاز الطبي بمشاركة سعودية من أحد أبناء هذا البلد المبتعثين، وقامت قناة العربية الإخبارية باستضافته ، وللأسف لم أجد من احتفى به من القائمين على مواقع حكومتنا الإلكترونية لا موقع وزارة الخارجية ولا موقع وزارة التعليم ، وحتى مواقع الملحقيات الثقافية كأن الأمر لا يعنيها بشيء!.
وقبل أيام قلائل قامت مجموعة من مبتعثي السعودية في فرنسا، يرأسهم الطالب المبتعث الأمير سلمان بن عبد العزيز آل محمد آل سعود بنشر ثقافة عربية شعبية ألا وهي سباق الهجن في منطقة بواتييه الفرنسية، وبنفس الأسلوب قابله القائمون على المواقع الحكومية من وزارتي الخارجية بمواقع سفاراتها والتعليم العالي بموقعها وموقع ملحقيتها الفرنسية وكأن الأمر لا يعنيهم بشيء! ماذا ينتظر القائمون على المواقع الحكومية ؟ أستغرب منهم فعلاً أن تقوم مواقع إلكترونية أخرى بنشر أخبار أبنائنا في الخارج ومواقعنا نائمة في العسل.