المتابعون لمذيعات أخبار الدمار والمجازر والحرائق التي تشتعل في أمتنا العربية من الماء إلى الماء لا بد أن يتوقفوا مليا أمام 'اللبس والاحتشام والمظهر العام: ويرون الفرق بين مكياج مذيعة باللون الأحمر ولون الدماء التي تخرج من مجازر العراق ومعارك الإسلاميين في باكستان والصومال'.
المتابعون لمذيعات أخبار الدمار والمجازر والحرائق التي تشتعل في أمتنا العربية من الماء إلى الماء لا بد أن يتوقفوا مليا أمام اللبس والاحتشام والمظهر العام: ويرون الفرق بين مكياج مذيعة باللون الأحمر ولون الدماء التي تخرج من مجازر العراق ومعارك الإسلاميين في باكستان والصومال.
يفتح المشاهد العربي المسكين عيونه الأربع وفمه وهو يتابع الأخبار المقلقة، ويبدأ في وصف المذيعة أمام الحضور في مقهى شعبي طبعا بعيدا عن أم العيال، ويتغزل في المواصفات بدءا من عيونها حتى خصلات شعرها، ويجادل الرفاق بالأسئلة، هل هو بني أم ذهبي أو ميش، ويتساءل عن العيون، هل هي طبيعية أم عدسات؟. وتضيع متعة المتابعة لتتحول إلى متابعة ما تلبسه المذيعة التي كان همها أن تخبر الناس عن أحوال العالم لا عن أحوالها.
هذا هو حال العرب، فهذا المتسوق في سوق الأسهم يتابع تحركات مذيعة الأسهم، ويتابع لبسها ومكياجها، ويتحدث عن حياتها وكأنه يعيش في نفس القناة، ويشتري أسهما وهو شارد الذهن، وفي اليوم التالي يشتم المذيعة والمحطة لأنها ضيعته ولا يعترف أن مراقبة عدسات العيون هي التي ضيعته.
الاستقالة الجماعية لمذيعات الجمال في الجزيرة لها علاقة بالسيطرة الذكورية في المحطة حسب مصادر مقربة من المذيعات، وأعتقد أن هناك من يخطط لخطفهن إلى قناة إخبارية وليدة بدأت تستعد للانطلاق مع إغراءات مالية، ولم لا فهن محترفات في الإعلام الفضائي، ويستحققن ذلك مثلهن مثل اللاعبين المحترفين.
في اعتقادي ليس المطلوب أن يتحول لبس المذيعات إلى لبس موحد أو على طريقة المبدعة خديجة بن قنه، ولكن العلاقة بين أخبار الحروب المدمرة ومكياج المذيعات الصارخ قد تكون سببا في ابتعاد مشاهد الجزيرة عنها لأنه يراقب الأزياء وينسى هموم الأوطان.