اعتدنا في بعض الأعمال التلفزيونية القديمة على مشهد فارس ملثم يظهر تحت جنح الظلام لينقذ عائلة فقيرة، أو محتاجا أو أرملة أو يتيما..
اعتدنا في بعض الأعمال التلفزيونية القديمة على مشهد فارس ملثم يظهر تحت جنح الظلام لينقذ عائلة فقيرة، أو محتاجا أو أرملة أو يتيما.. يذهب الفارس الملثم ويبقى خياله راسخاً في ذاكرتنا.. بطل أسطوري، يعمل بصمت ودون بريق أو بهرجة أو تلميع؛ لأجل إصلاح البشرية وإنقاذها ومساعدة من يحتاج للمساعدة ومد يد العون لمن يحتاج للعون.. لا أحد يعلم من هو.. مجرد تخمينات.. توقعات تخطئ في تحديد هويته غالباً.. قد يكون رجلا.. قد يكون امرأة.. قد يكون من أهل القرية.. قد يكون غريباً وافدا من قرية أخرى! في النظام الإداري الحكومي المحلي، هيئة الرقابة والتحقيق هي الفارس الملثم ـ كم هم الذين يعرفون اسم رئيس هيئة الرقابة والتحقيق؟! ـ لا أحد يعلم متى يظهر هذا الفارس الملثم.. الشيء الوحيد المتفق عليه هو أنه يظهر تحت أشعة الشمس.. أمس قرأت في الوطن أن الجولات التي نفذتها هيئة الرقابة والتحقيق خلال السنة المالية 1428/1429 سجلت مخالفات بالجملة في عدد من مرافق وزارة الصحة.. أبرزها ممارسة 572 طبيبا وممرضة من المقيمين العمل بشهادات مزورة! ـ الخبر لا يتحدث عن عشرة.. عشرين أو حتى ثلاثين.. الخبر يقول 572 طبيبا وممرضة! خبر كهذا يخلق لديك شعورا متناقضاً.. تفرح لأن لدينا جهازا رقابيا عالي الجودة.. يعمل بكفاءة مذهلة.. وتحزن لأن هناك 572 حلاقاً وسباكا ونجارا كانوا يعيثون في أجساد الشعب خراباً سنوات عديدة دون أن تكتشفهم كل أنظمة الوزارة! نفرح لأننا نمتلك أنظمة رقابية تكافح ليل نهار لتنظيف البلد من هذه الآفات.. ونحزن لأن الوضع الصحي في البلد منسيئ إلى أسوأ.. بالتأكيد نحزن؛ لأن وفود الوزارة حينما ذهبت للخارج لتتعاقد مع الأطباء والممرضين أخطأت الطريق وتوجهت للورش الصناعية ومحلات النجارة والسباكة!