توصل المدير الفني لريال مدريد، البرتغالي مورينهو مع المسؤول الطبي للفريق صباح أمس، إلى قرار يقضي بعدم إخضاع اللاعبين الأربعة عشر إلى تمرينات إطالة أو تمديد عضلات بالماء كما كان البرنامج التحضيري للفريق وطبقه في الأسابيع الماضية من المنافسات، وذلك بعد أن قدم الطبيب المختص حقيقة طبية جديدة لمورينهو مؤداها أن عضلات اللاعبين الذين شاركوا في لقاء الكلاسيكو أمام الغريم التقليدي برشلونة يعانون من (تمديدات في العضل) طالت اللاعبين من جراء الأسلوب التكتيكي الذي انتهجه البارسا في اللقاء ووفق منهجية المدير الفني الذكي جدا بيب جوارديولا والتي جعلت لاعبي الريال يلهثون وراء لاعبي البلوغرانا طيلة شوطي الكلاسيكو العالمي، وأشعرتنا بأننا أمام فريق مدرسة وآخر فريق جامعة، واستطاع الفريق الزائر لملعب سنتياغو بيرنابيو أن يتجاوز في نسبة سيطرته الميدانية واحدة من أعلى النسب في لقاءات الفريقين في السنوات الأخيرة حيث تجاوزت نسبة 70 % في الشوطين، هذه النسبة المخيفة والمزعجة لجماهير النادي الملكي دفعتهم وفي إحدى أهم الصحف الإسبانية (لا فانخورديا) إلى التساؤل: ماذا تفعل يا مورينهو ولاعبوك في الحصص التدريبية، إننا لا نرى سوى فريق واحد في الملعب وآخر كالشبح.
ولعل المتابع لنهاية الكلاسيكو وبعد إطلاق الصافرة وهو يرى تلك التحايا المتبادلة بين لاعبي الريال وكأنهم قد انتصروا، فيما الواقع يقول بأنه تعادل ليس إلا، لكن هذه التحايا تدل على حالة البؤس التي وصل لها اللاعبون وهم يواجهون الغريم المتفوق في كل شيء، فخمسة كلاسيكيات متتابعة يخسرون فيها من البارسا شكلت (عقدة) في النفوس عجزوا إلى الآن من تجاوزها من واقع يستندون عليه من الملعب ولا شيء سواه لأن الفريق المنافس دوما يعتمد على محصلته الميدانية والمهارية والنتائجية المدوية التي حملت (خمسات وستات) قصمت ظهر عشاق الفريق وباتوا متشككين من زحزحة الفريق الكاتالوني في القريب من السنوات، بالإمكان تحقيق فوز عارض أو بطولة عابرة، لكن التفوق والتميز وحجز مراكز المنتخب والمساهمة في البطولات الوطنية باسم الكرة الإسبانية ستظل مرتبطة بنجوم ومواهب وأفذاذ البارسا على الدوام والتاريخ لا يجمل قبحا، فأول بطولة أوروبية وآخر بطولة أممية كذلك كانت على أقدام وبمساهمة كبرى من لاعبي برشلونة، وأكبر تلك المساهمات الكوكبة الثمانية التي طرزت بطل كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
على الطرف الآخر، هناك فريق يشترك مع البارسا في نواح عديدة مثل: كاريزما البطولات، والأداء المؤثر والفعال على أرض الملعب، والقدرة على احتواء نقاط التميز بالفرق المنافسة، وتتكامل عناصره بشكل يخدم المجموعة ويمنحها التفوق والتألق وتحقيق المكتسبات واحدة بعد الأخرى، إنه فريق الهلال السعودي الذي لا أتردد في تسميته بـ (برشلونة الشرق) بحكم القواسم المشتركة في حالة الفريقين في بلديهما، بعيداً عن مسألة المقارنات الفردية أو المهارية التي بالطبع غير مقبولة مهنيا ولا فنيا ولا موضوعيا، للبون الشاسع بين البطلين في أشياء لا يستدعي المقام إلى حصرها.
إن ما يفعله البارسا في الدوري، يفعله الهلال في الدوري السعودي، وبنفس الزخم المتصاعد في الأداء والرغبة في تحقيق الانتصارات من أسبوع إلى أسبوع آخر، فكما هناك إجماع على انفراد البلوغرانا عن بقية الفرق الإسبانية منذ عام 2004 وما يزال، هاهو الهلال يحاكيه ويتناغم معه على المستوى المحلي، ويلهب المسطحات الخضراء في ملاعبنا فنا وإبداعا وتألقا من كافة أركان الفعل الكروي الهلالي، فمنحه وبكل تجرد ثقة واعتراف كافة المتابعين للكرة السعودية بتفرده وأنه يغرد وحده، فيما بقية الفرق تركض وتتعثر ولا تستطيع تحديد هوية لها في المنافسة، فكل مباراة لها شأن يختلف عن سابقتها، وكأن هذه الفرق الثلاثة عشر بالدوري السعودي تلعب بفرق متعددة في منافسة واحدة.. يا سبحان الله.
التحية لهذين الفريقين على ما يقدمانه من عطاءات واستقرار في الأداء وجوع لا ينقطع للفوز، وسنظل نبارك لهم وإن أصبحوا يناشدون بعدم التهنئة لمللهم من عبارات تتردد منذ زمن.