سيجد المتابع لنهائي كأس ولي العهد الذي سيجمع الوحدة بالهلال اليوم في مكة المكرمة، نفسه أمام حزم تاريخية وتحولات رياضية إعلامية كبيرة, لم يكن بخلده أو خلد أي منا أن يأتي اليوم الذي سنتذكر فيه تاريخا رياضيا وإعلاميا مجيدا, فاللقاء سيقلب أوراق كاد ينساها التاريخ وتطمرها الذاكرة بعد أن تركزت البطولات والمشاركات الخارجية على أندية معينة طوت بها أهم الأندية السعودية في التأسيس والنشأة، ليس في كرة القدم فحسب بل في غالبية الألعاب الرياضية المختلفة.
اليوم نحن أمام استعادة لتاريخ تأسيس كرة القدم السعودية من خلال نادي الوحدة الذي استقبل لعبة كرة القدم من خلال الحجاج الجاويين, وأمام ذكرى إدخال لعبة كرة السلة بواسطة المعلق الراحل زاهد قدسي, والتذكير بأمجاد راسم المنظومة الرياضية السعودية الرياضية ومنشئ فكرة تنظيم بطولات الخليج العربي لكرة القدم، الأمير خالد الفيصل الذي سيتوج الفائز اليوم بطل كأس ولي العهد نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
كما أن المواجهة أحيت حقا إبداعيا تقنيا كاد ينسى في ثورة الإعلام واتساع آفاقه التقنية, في نقل الصور الأولى لمحاولة ناجحة بنقل أول لقاء كروي بواسطة إذاعة (طامي) التي أنشأها الراحل سليمان الطامي, ونقل بواسطتها لقاء الهلال والوحدة عام 1381, لتدعونا الذاكرة إلى عقد مقارنة لا طائل لها بين القفزات الكبيرة في مجال الإعلام الرياضي بين الأمس واليوم.
لو سئلنا يوما من الأيام بأن الوحدة سيصل للنهائي ويخوض المواجهة بمكة المكرمة, لقبلنا بالأولى دون أن نسلم بالثانية، فالوسط الرياضي المحلي اعتاد على إقامة النهائيات بالعاصمة الرياض أو في المدن الساحلية (جدة والدمام), إلا أن من اختار مكان إقامة اللقاء بمدينة الملك عبد العزيز الرياضية بشرائع مكة المكرمة, كان محقا من الناحية الوطنية, كون اللقاء جاء في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى تعميق الشعور الوطني في أبناء هذا الشعب الطيب, وفي تعزيز الحضور الوجداني لكل منتم لهذه الأرض, وفي تأكيد العدالة الاجتماعية والرياضية معا.
من يدري فقد يفعلها الوحدة اليوم بالهلال ويسجل أعظم إنجاز كروي تاريخي لا ينسى، وهو حق مشروع وغير مستبعد حدوثه، فالكرة (أقوان) كما يقول العاشق الوحداوي الكبير الراحل زاهد قدسي, لكن الباب سيكون مفتوحاً أيضاً أمام الهلال لإضافة اللقب التاسع له والرابع على التوالي.