لا أعرف ما سر هذه الهجمة الشرسة على سبع عشرة معلمة، كلفن الدولة خمسين مليون ريال، عفوا أقصد خمسين ألف ريال ثمنا لفاتورة فطورهن لشهر كامل، بينما نجد أن تزوير الفواتير لعبة مفضلة عند أغلب مدارس إدارات التعليم ومديراتها. ومع أن هذه اللعبة تتكرر كثيرا، إلا أنهن لم يتقنّها حتى الآن، ولو تم استعراض الفواتير التي تقدمها المدارس للمشرفات الإداريات ومشرفات المقصف، لعرفنا أن ثلثي الفواتير يتم التلاعب فيها بشكل غبي، فعشرة آلاف ريال لشراء دبابيس وخمسة آلاف قيمة هدايا تشجيعية للطالبات، وخمسة عشر ألف ريال للوحات جدارية، وسبعة آلاف لقوارير ماء بارد قررت المديرة (الإنسان) اقتطاع قيمتها من الميزانية وتوزيعها على البنات مجانا في يوم شديد الحرارة. ولو حققنا في هذا الأمر، لوجدنا أن المديرة تلزم كل معلمة بتكريم طالبات فصلها من حسابها الخاص، وتصادر قيمة الهدايا، وأن الطالبات أنفسهن يجمعن من كل طالبة ريالا أو ريالين لشراء الدبابيس والإبر لحصص التربية الفنية، وتصادر قيمة الدبابيس، ولوجدنا المعلمة تبتز طالباتها بالدرجات من أجل الحصول على لوحة جدارية باهظة الثمن تعلقها على جدار المدرسة الخارجي كي تحتسبها المديرة لها كنشاط لا منهجي، وتصادر قيمة اللوحات،، وفي النهاية (ما حد دافع شي من جيبه وكله من فلوس الحكومة)، (اشمعنى؟) جات النزاهة والمثالية على رأس هؤلاء المعلمات سيئات الحظ؟ لا أعلم، إلا أن تصدق نظرية القائل إن الطوبة تجي في المعطوبة دائما.. وعلى كل حال، فإن كانت زميلاتنا قد أفطرن لمدة شهر كامل بما تكلفته 50 ألف ريال، فقد تربعت الوزارة على موائدها العامرة فطورا وغداء وعشاء بـ (فلوسنا) لسنوات طوال حتى أصابتهم التخمة، ثم ألقوا إلينا بفتافيت سفرتهم على طبق بند 105 الجائر. ومع هذا لم نعترض، بل لحسنا أطباقنا وغادرنا شاكرين حامدين، لذلك لا يسعني إلا أن أقول: (يا جعله مداخيل العافية) فطوركن يا معلمات جدة، ولو كان هناك من يجب أن يحاسب فهي إدارة تعليم جدة، لأنها أعطت فاتورة مفتوحة أو شيكا على بياض، ولم تكن هناك ميزانية معلومة ومحددة بمبلغ واضح، ونحن نعلم أن الجهات الرسمية تحدد للصرف في مثل هذه الحالات مبالغ معلومة الحد الأعلى ومحلات بعينها تلزم منسوبيها بالتعامل معها وتوجه فواتيرها إليها.
ولي طلب أخير من أخواتي معلمات جدة، أتمنى منكن هذه الأيام الاهتمام بغذائكن جيدا، حتى تستطعن حمل الكثيرين ممن ينوون (الطلوع) إلى قمم النزاهة والعدل والفضيلة على أكتافكن. وكل فاتورة والتعليم بخير.