واشنطن: أحمد عبدالهادي

أفضى الحوار الدائر في الولايات المتحدة حول الحرب في أفغانستان وكيفية الخروج من مأزقها إلى أفكار عبّر عنها كبار الاستراتيجيين الأمريكيين ممن في الإدارة وخارجها إلى أن تقسيم أفغانستان قد يكون المخرج من هذا المأزق، كما جاء في مشروع السفير الأمريكي السابق في الهند روبرت بلاكويل الذي دعا إلى تقسيم أفغانستان إلى جنوب باشتوني تحكمه طالبان وشمال وغرب تحكمهما قوميات أخرى غير باشتونية مع إيضاح قدرة الولايات المتحدة على التدخل عبر القصف الجوي وعمليات القوات الخاصة في إقليم الباشتون إذا ما عادت إليه منظمة القاعدة.
من جانبه دعا رئيس مجلس العلاقات الخارجية، مسؤول مجلس الأمن القومي الأمريكي السابق ريتشارد هاس في تصريحات مفاجئة إلى سحب القوات بسبب استحالة الانتصار.


تدخل صوت مؤثر في الفناء الخلفي لصنع السياسة الأمريكية في الحوار الدائر الآن في الولايات المتحدة حول الحرب في أفغانستان داعيا لسحب القوات الأمريكية من هناك دون انتظار أي انتصار عسكري. فقد أطل رئيس مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك ومسؤول مجلس الأمن القومي السابق ريتشارد هاس على حلبة النقاش الساخن الذي يدور الآن حول أفغانستان بتصريحات مفاجئة طلب فيها سحب القوات بسبب استحالة الانتصار.
وناقش هاس الاقتراح الذي عرضه السفير الأميركي السابق في الهند روبرت بلاكويل الذي عرض فيه مشروعا بتقسيم أفغانستان إلى جنوب باشتوني تحكمه طالبان وشمال وغرب تحكمهما قوميات أخرى غير باشتونية مع إيضاح قدرة الولايات المتحدة على التدخل عبر القصف الجوي وعمليات القوات الخاصة في إقليم الباشتون إذا ما عادت إليه منظمة القاعدة.
غير أن هاس قال إن إقامة دولة للباشتون قد تؤدي لتهديد أمن باكستان التي يعيش فوق أراضيها 25 مليون باشتوني قد يطالبون بدورهم بالاستقلال والانضمام إلي بني قوميتهم في باشتوستان الأفغانية. فضلا عن ذلك فإنه سيؤدي إلى تطهير عرقي إذ يعيش الكثير من البلوش والهزاره والطاجيك والأوزبك في جزر سكانية داخل مناطق باشتونية والعكس صحيح أيضا.
وعرض هاس الرأي القائل بإقامة حكومة مركزية ضعيفة في كابول وإعطاء حكم ذاتي لمناطق القوميات المختلفة قائلا إن هذا الاقتراح قد يواجه بمعارضة الأقليات التي سترى أن طالبان حصلت على أكثر مما ينبغي وبمعارضة طالبان التي سترى أنها حصلت على أقل مما ينبغي.
وانتهى هاس لاقتراح مفاده إعادة توجيه السياسة الأمريكية نحو تنفيذ اقتراح اللامركزية بصورة تدريجية وخفض عدد القوات الأمريكية هناك وتطبيق تصور استراتيجي آخر بمساعدة القوى الإقليمية على أساس دعم المناطق المستقلة نسبيا ومواصلة الضغط على طالبان في المناطق التي ستسيطر عليها في الجنوب.
وقال هاس في عدد من المحاضرات والمقالات والمقابلات التلفزيونية خلال الأسبوع الماضي إن الحرب التي تدور الآن تختلف من الناحية الجوهرية عن الحرب التي بدأتها إدارة بوش في أفغانستان عام 2001 من حيث إن المنطق الراهن هو منطق وضعته إدارة الرئيس باراك أوباما وليست الإدارة السابقة. ويذكر أن هاس عمل في إدارات الرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش وأنه يتبنى عادة مواقف لا حزبية.
وقال هاس إن الولايات المتحدة شنت الحرب لإسقاط طالبان والقبض على قيادات القاعدة أو مطاردتهم وقتل أغلبهم وإن ذلك حدث بالفعل خلال الفترة القصيرة التي تلت بدء العمليات العسكرية هناك. وأضاف آنذاك كانت الحرب حرب ضرورة إذ فرضتها دواع دفاعية ناجمة عن هجوم 11 سبتمبر الذي تعرضنا له. أما الآن فإن الحرب هي حرب اختيارية وليس حرب ضرورة إذ إن الأهداف الأصلية من حرب الضرورة قد تحققت في أغلبها.
وأوضح المفكر الاستراتيجي الأمريكي أن خطأ الرئيس أوباما يتلخص في أنه ساوى بين طالبان والقاعدة وأنه جعل هدف الولايات المتحدة تعقب طالبان ومطاردة عناصرها في الجنوب والشرق ومن ثم فقد اضطره ذلك الى زيادة عدد القوات الأمريكية هناك في كل فرصة اتيحت له كي يفعل ذلك.
وقال هاس إن الاستراتيجية الأمريكية الحالية في أفغانستان استراتيجية فاشلة وإنها لا تؤدي إلى أية نتائج إيجابية غير أنه حذر من أي خطوة قد تفضي إلى سحب القوات الأمريكية بصورة مفاجئة وجماعية إذ إن من شأن ذلك أن يؤدي إلى سقوط فوري لحكومة الرئيس حامد قرضاي وتحويل أفغانستان إلى لبنان آخر.
وقال هاس إن الحديث عن حكومة مصالحة وطنية تضم كل أجنحة طالبان والمتعاونين معها بالإضافة إلى رجال قرضاي ومعارضي طالبان التقليديين وممثلي القوميات المختلفة هو وهم آخر وذلك في ضوء مواقف أغلب قيادات طالبان حتى الآن إذ إن الحركة ترى أن الوقت يلعب إلى جانبها.