واجهت هجوما عاصفا في الظلام من خلال أسماء مستعارة ومواقف معادية لا تصنع جدلا علميا
دافعت الكاتبة سالمة الموشي عن أطروحتها في كتابها (الحريم الثقافي) الذي تطرقت فيه إلى ما سمته (إفلاس الذات الأنثوية). و قالت لـ الوطن: عندما حللت إفلاس الذات الأنثوية توجهت إلى متن النص الذي يكتب بأقلام النساء باعتباره صادرا عن ذات واعية، كنت أوجه لهن نداء للاستفاقة من المحكي البسيط إلى الكتابة الواعية، نعم الكثير من الكاتبات وليس المثقفات غضبن مما ورد في الحريم الثقافي، وواجهت هجوما عاصفا لكنه للأسف في الظلام من خلال أسماء مستعارة ومواقف معادية، لم تكن هناك مواجهة حقيقية لجدل فكري حقيقي، وهنا تكمن المشكلة، إنها أخذت على محمل شخصي، وخلافنا كان عن كوني أناقش الأفكار وليس الأشخاص، لأن كل اسم نسائي ذكر بمنجزه في الحريم الثقافي لم يكن الهدف هو الشخصية الكاتبة بقدر ما كان للأفكار المطروحة، والكاتب الحر لا يكتب ليرضي القراء وأنا كاتبة حرة أكتب من أجل الأفكار والقضايا.
واتهمت الموشي الصحافة، لأنها هي من خلقت الخلاف بينها وبين الدكتور عبدالله الغذامي وصعدته. وأوضحت قائلة: أقتبس من حواراتي ما يخدم العناوين وليس المضمون، بحيث ظهرت وكأني أحارب في ساحة وحدي وندي الغذامي، وهذا غير صحيح تماما، فالغذامي ناقد قدير وله مكانته الكبيرة وإسهاماته النقدية المميزة، وهو من تجاهل كتابي الحريم الثقافي، فهذا يعني أنه في حقيقة الأمر فاجأه وأربكه لدرجة السكوت عنه وهو ما يحسب لي وليس عليّ.
وشددت الموشي على أن الأكاديميين والأكاديميات حلوا محل المثقفين وهم يعلمون أن هناك خطا فاصلا بين الأكاديمي والمثقف ربما يفوق جدار برلين تمييزا بينهما، فالمثقفون الحقيقيون منشغلون بمشاريعهم ورؤاهم وكتبهم، ولهذا يظهر الأكاديميون مرتدين أقنعة المثقفين أو المفكرين بينما ليس كل متعلم مثقف وليس كل مثقف مفكر، هذه قاعدة. الأكاديمي يمتلك بطاقة عبور ليظهر كمثقف في المنابر والأنشطة، لهذا التبس الأمر في المشهد الثقافي وأصبح كل من يطبع رسالة الماجستير أو الدكتوراه في كتاب مثقفا ومنتجا للثقافة وهذا ليس حقيقيا، ما تنتجه المؤسسات التعليمية ليس ثقافة، الثقافة فكر وإبداع ينتجه الأفراد وليس المؤسسات.
وتابعت الموشي: النقاد تعودوا على الأبوة، بمعنى أنه لا بد أن يكون لهم آباء نقديون ينتمون لهم، ولهذا ما إن يظهر ناقد / ناقدة حر ومتفرد في الطرح والرأي فإنهم لا يتقبلونه، لأنه لم ينضم إلى الأبوة النقدية المقدسة التي ينطلقون منها. هي فقط حالة وعي القلم النسائي فرض عليه أن يكون تحت الوصاية النقدية، ولهذا أصبح من الصعب تبادل الأماكن بحيث يظهر النقد النسائي قائما بذاته.
وعن علاقتها بالأندية الأدبية والمؤتمرات والملتقيات التي تكاد تكون شبه منعدمة قالت الموشي: إنه تقصير مني لارتباطي بأعمال أخرى، ولا أنسى أن أشير إلى نادي جازان الذي قدم لي أكثر من دعوة للمشاركة، أما بالنسبة للملتقيات الخارجية والداخلية فإنها تحتاج إلى تسويق للذات أكثر مما يجب، بالإضافة إلى الكثير من التواصل والمجاملات، وهو ما لا أتقنه بشكل جيد.
وكشفت الموشي عن أنها تعمل حاليا على مشروع حقوقي متكامل، موضحة: انتهيت ومجموعة من الناشطين من مشروع يتوافق مع نشر ثقافة حقوق الإنسان إلا أنه تعثر وما زال قيد الانتظار والطريق إليه محفوف بالكثير من الأشخاص والعقبات.
وتابعت الموشي: الكتابة لتحسين الحياة الثقافية للمرأة في مختلف الطبقات الاجتماعية هي مشروعي الأول وهما وجهان لعملة واحدة؛ إذ لا بد أن يكون لدينا كاتبات حقوقيات / ونسويات، لأننا بحاجة ماسة لتغيير الكثير من البنى الفكرية والثقافية التي أعاقت تقدم المرأة.
وعن أكثر القضايا الثقافية إلحاحا عند العنصر النسائي اليوم قالت الموشي: إن المرأة ليست مجرد عنصر كما يشار، المرأة هي روح العالم، وإذا غُيبت هذه الروح أو فقدت خسر العالم روحه الحقيقية، والنساء متعبات ومنهكات على المستوى الاجتماعي والثقافي، ولهذا أكثر قضاياهن إلحاحا هي ما يتعلق بالمصير، وشكل الحياة اليومي أو الإنساني الذي يعشنه، هناك قضايا كثيرة عالقة في مسائل الحقوق المدنية والإنسانية وهناك قضايا ثقافية لم تحسم مثل تمكين النساء في المجتمع المدني والثقافي.
والتمكين أصبح ضرورة ملحة للمرأة لرفع الظلم وأشكال التمييز السلبي الذي حد من طاقات النساء في المجتمع.