مع أن المسؤولين الأمريكيين العاملين في العراق يعتقدون أن استراتيجية استخدام الشركات الأمنية الخاصة قد نجحت في العراق، إلا أن دراسة نشرتها مؤسسة (راند) الأمريكية للأبحاث في شهر يونيو المنصرم أن نسبة لا يستهان بها من الأمريكيين الذين خدموا في العراق يعتقدون أن هذه الشركات لم يكن لها دور إيجابي في السياسة الخارجية الأمريكية بصفة دائمة.
فقد بيَّن مسح أجرته مؤسسة راند بين عسكريين أمريكيين وموظفين في الخارجية الأمريكية عملوا في العراق بين 2003-2008 أن هناك أقلية كبيرة منهم يعتقـدون أن سوء استخدام السُلطـة وقتل المدنيين العراقيين على يد الشركات الأمنية الخاصة كان لهما أثر سيء على مهمة الولايات المتحدة بشكل عام في العراق. ومع أن معظم المشاركين الأمريكيين الذين استطلعت الدراسة آراءهم قالوا إنهم لم يشاهدوا بأنفسهم إساءة لاستخدام السلطة من قِبل عناصر الشركات الأمنية الخاصة، إلا أن وجود أقلية اعترفوا بأنهم شاهدوا مثل هذه التجاوزات ووصفوها بأنها أمر مثير للقلق.
وتُعتبر وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من أكبر زبائن الشركات الأمنية الخاصة في العراق. بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركات الإعلام وشركات البناء وبعض المنظمات غير الحكومية أيضاً بالتعاقد مع هذه الشركات الأمنية الخاصة لملء الفراغ الأمني وتأمين حماية موظفيها.
وقد استخدم الجيش الأمريكي متعاقدين أمنيين أو ما يشبه ذلك منذ فترات طويلة تعود إلى أيام الثورة الأمريكية، لكن حجم استخدام القوى الأمنية الخاصة في العراق غير مسبوق. فقد زاد عدد المتعاقدين الأمنيين المسلحين في العراق من 10 آلاف عام 2003 ليصل إلى 30 ألفا في 2007 قبل أن ينخفض مرة أخرى إلى 10,422 متعاقداً في 2009.
بعد حادثة إطلاق النار في بغداد عام 2007، التي ذهب ضحيتها 17 عراقياً على يد عناصر من شركة بلاك ووتر الأمنية الخاصة، زادت الحكومة الأمريكية من الرقابة على المتعاقدين الأمنيين، الأمر الذي كان له بعض الآثار الإيجابية بشكل عام على أداء هؤلاء المتعاقدين. وتقول دراسة مؤسسة راند إن هناك عدداً من الأمور التي تستطيع الولايات المتحدة أن تفعلها لتحسين العلاقات بين الجيش والشركات الأمنية الخاصة، مثل تبسيط أنظمة الاتصالات بين الجيش وفرق المتعاقدين في ميدان العمليات.
ومن ناحية أخرى، تقول الدراسة إن عدداً كبيراً من موظفي وزارة الخارجية الأمريكية يعتقدون أن المتعاقدين الأمنيين لا يحترمون القوانين المحلية والدولية ولا يظهرون تفهما للشعب العراقي وثقافته.