هل يمكن لإرادة الوعي الوطني، ليقظة الضمير، أن تجعل من القرار الملكي الكريم لمشاريع الإسكان مثالاً على النزاهة والشفافية والصدق مع النفس والأجيال والوطن؟ هل نستطيع أن نكف أيدينا وأطماعنا وألاعيبنا عن كل مسمار في هذا المشروع الإنساني الاستثنائي مكتفين بما حصدناه فيما قبل من المشاريع الأخرى لنجعل من هذا المشروع قصة (السعودية 2015). ألستم معي أن 250 ملياراً في أربع أو خمس سنوات فقط تبدو مثل جبل من الألماس وأن الطمع في الجبل يغري بحفنة كف أو حقيبة مجوهرات ممتلئة من هذه الجواهر؟ ألا تخشون من زمر الفساد أن تتسلق جبل الألماس ثم تخلع ثيابها في رأس الجبل عارية، كما اعتادت، أمام الجميع لتحول الثوب إلى كيس تحشو فيه هذه الجواهر؟ كم تعبت وأنا أكتب كفى .. كفى .. كفى، مثلما لم تتعب زمر الفساد عن حشو أكياسها المتضخمة.
يقول لي الزميل الدكتور أحمد الناصر، أستاذ إدارة هندسة المشاريع، إن قسمة المبلغ المرصود تعني أن تكلفة الوحدة السكنية ستبلغ نصف مليون ريال، وبحساباته فإن المبلغ يفوق بمقدار الخمس عن تكلفة البناء مع هامش الربح وفوق هذا فإن الأراضي ستذهب للمقاولين بالمجان من أملاك الدولة.
يشير الزميل العزيز إلى أن المبلغ المرصود يكفي لبناء ما يقرب من 700 ألف وحدة سكنية بحسابات السوق وأيضا باحتساب نسبة التضخم لخمس سنوات قادمة. وبمقياس الجودة الهندسي كما يشير فإن هذا التقدير يعني بناء وحدة سكنية من قياسات الدرجة الثانية في مقياس من خمس درجات مثلما يعني أن حجم الوحدة يأتي من الدرجة الأولى في قياس حجم من ثلاث درجات، وهي بقوله مؤشرات جودة وحجم ذات معايير هندسية متميزة.
السؤال الأهم: كيف سينتهي هذا الجبل ـ الجواهري ـ مع المعول صاحب الأطراف الحادة الثلاثة: طرف الإدارة المسيرة للمشروع بجيشها البيروقراطي، وطرف المقاولين الذين ينتهون من الباطن في الورقة السابعة وكل ورقة تحسب ـ خراجها ـ من معيار الجودة، وطرف الاستلام وتوقيع المحاضر بكل كوارثها الحية. سؤالي: هل يمكن ولو على حسابي الخاص أن نكتب على كل زاوية من أطراف هذا الجبل المئوي الملياري لوحة بسيطة: استحوا من الله واخجلوا من الأجيال التي تنتظر سقفاً بسيطاً يقيها حرارة الشمس.