في ذاك اليوم المميز رجعت البيت، وكأنني حاملة بإحدى يدي الشمس وبالأخرى القمر رجعت بلذة الفوز وقوة ثقة لا أحد قادر على تحطيمها، زرعتها بأناملي يوماً بعد يوم وسهرت عليها عيناي تراقب إنجازها مدة أربع سنوات متواصلة فرحة تلون الدنيا بإحساس رائع قد لا يشعر به الإنسان إلا مرة واحدة بالعمر وإن كان حظه بالسماء سيعيشه عدة مرات، لكن مهما زادت جرعاته فلا أتوقع أن هناك ما يساوي الفرحة الأولى بالتخرج، فهي كالمولود الأول يسرق فرحة من بعده ليملئ روحي بشوق رؤية من أحب لأزف لهم خبر تخرجي ولتشارك فرحتي فرحة أخرى. استمرت نشوة الانتصار مدة، قطعها ملل الجلوس بالبيت وروتين الحياة المتكرر، ثقلت علي نفسي، وودت أن أكمل مشواري ليس بالتعليم فالماجستير ، كما أحب أن أطلق عليه (السهل الممتنع) ثقتي بقدرتي العقلية على اجتيازه كبيرة، لكن لعدم توفره كما هو مطلوب يحرمني منه ولا تحدثوني عن أمر البعثة فهي الأخرى (الصعب الغير الممتنع) تلك الصعوبة الناتجة عن كوني فتاة ، لم أصل لمرحلة اليأس بعد بحثت عن وظيفة أحقق فيها القليل ممّا كنت أطمح إليه، وعلى أقل تقدير تناسب شهادتي الجامعية، زاد بحثي فلم أدع منتدى مختصا بالوظائف إلا وسجلت طلب وظيفة ولم اغفل عن إرسال سيرتي الذاتية لكل قطاع حكوميا كان أم خاصا، حتى بالمجهود الجسدي فشكي بقبول توظيفي بواسطة الإنترنت جعلني أزور الكثير من الشركات لأفاجأ بتكرار جملة (حطي ملفك ونكلمك) وكأن الجميع فطم على هذه الجملة ،بالبداية لا أخفيكم حجم غروري بتخصصي، فحقول البيانات الخاصة بطلب الوظيفة تفصح عن مدى ذلك رغبة بوظيفة مرموقة، وراتب مرتفع لكن مع استمرار تهميش طلبي خفف ذلك من عيار الغرور حتى وصل ما أطمح له وظيفة براتب لا يتجاوز 1500ريال، ومع تلك التنازلات لم يتغير شيء سوى كيلوجرامات اكتسبها جسدي نتيجة تفريغ شحنات الملل والفراغ بالطعام، وكشاهد عيان لانضمامي إلى صفوف البطالة هل خلصت الوظائف في البلد (على حظي) أم إن ما نعانيه من تكدس بشري جعل الحصول على وظيفة أمر بغاية الصعوبة، تعددت الأسباب والموت واحد، وليكون هناك أسباب حقيقية وراء ما نعانيه فعلاً كاكتفاء الشركات بالعمالة الأجنبية بالإضافة إلى ندرة الوظائف النسائية وتوفر الموجود منها بشروط شبه تعجيزية حرمتنا كمواطنات حقنا بالوظيفة لنكتفي بشهادة وهمية لا تلبي احتياجات سوق العمل أو قد تلبيه لغير السعوديات.
نوف نايف العتيبي (الطائف)