اللهم أدم على بلادنا نعمة الأمن والأمان في ظل وحدتها الوطنية وقيادتها المحبوبة، هكذا دعوت الله فور انتهاء الزميلين سليمان العيسى وعبدالله الشهري من تلاوة الأوامر الملكية بعد ظهر أمس، إذ كنت مع كل أمر يوشك المذيع على نهايته أتطلع شوقا لما بعده، إذ كان كل أمر ملكي منها يحمل مفاجأة لوحده، وهي مفاجآت لم أكن أتوقعها، وأظن كثيرين غيري لم يكونوا يتوقعونها، فبعد حزمة الأوامر الملكية التي أطلقها خادم الحرمين ـ حفظه الله ـ فور عودته منذ أسابيع قليلة لتحسين مستويات معيشة المواطنين في جوانب حياتية كثيرة، لم يكن واردا في ذهني وربما ذهن كثير من المواطنين أن تأتي أوامر أمس في ذات السياق المعيشي، سيما والوطن كله ينتظر التغييرات الوزارية الجديدة، وما قد يراه الملك من إصلاحات سياسية أخرى تتعلق بمجلس الشورى ومجالس المناطق وغيرها مما يمكن فعله، لكن الأوامر الملكية التي صدرت أمس جاءت لتقول إن معيشة واحتياجات الناس العاجلة أولا، ولتكرس وتتمم ما بدأه الملك حفظه الله من تحسين معيشي لفئات كثيرة من أبنائه وبناته المواطنين والمواطنات، وجاءت بشمولية أوسع ومعالجات أعمق وإنفاق مالي أكبر، وهذا الإنفاق المالي الهائل وضع الملك في كل أمر ضوابطه بوضوح، وتوج تلك الضوابط بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وعين لها رئيسا، وحدد لها إطار عمل لتضع داخله نظامها خلال ثلاثة أشهر وعمدها بمكافحة الفسادين المالي والإداري، إضافة إلى دعمها بمرجعية قوية إذ جعل ارتباطها بالملك، وهذا يعني قوتها واستقلاليتها التي ستتيح لها محاسبة الجميع وعدم استثناء أي كائن من كان وفق ما نص عليه الأمر الملكي بتشكيلها.
الأوامر الملكية التي بلغت نحو عشرين أمرا شملت فئات كثيرة بخيراتها المالية والمعيشية وبصورة لم تكن متوقعة في سخائها وشموليتها، لكن كلمة الملك ـ حفظه الله ـ التي سبقت هذه الأوامر وكانت مفعمة بعاطفتي الفخر بالشعب والمحبة له، والشكر له على موقفه الوفي النبيل في عدم الاستجابة لأصوات الدعوة للفوضى والتظاهر، أقول إن هذه الكلمة الملكية الأبوية وقبلها كلمة الأمير نايف بن عبدالعزيز منذ بضعة أيام كانتا تمهيدا منطقيا واضحا للسخاء وشمولية الأوامر الملكية، فهذا الشعب الوفي النبيل الذي جعل الجمعة قبل الماضية جمعة رضا وتلاحم بعد أن أرادها آخرون جمعة غضب، استحق من مليكه أن يجعل جمعته ـ أمس ـ جمعة وفاء ومكافأة، فكان ذلك السيل المنهمر من الأوامر التي حرصت على أن تتعمق في تلمسها للاحتياجات المعيشية مع توفير ضمانات لوصولها إلى كل الفئات المستهدفة بها، وهي في الواقع تستهدف الجميع سيما تلك التي تعنى بالخدمات الصحية والإسكان والبطالة والسعودة والرقابة على الأسواق، ووضع الحد الأدنى لأجور السعوديين في القطاعات الحكومية، وليس ذلك فحسب بل إن مما يلفت النظر ويستدعي التأمل العميق والقراءة الواعية أن تعزيز الجبهة الداخلية لم يتوقف عند الأوامر الثلاثة المتعلقة بوظائف وزارة الداخلية وتحسين ورفع وظائف ورتب العسكريين في مختلف القطاعات، بل تعدى ذلك إلى سبعة أوامر تتعلق بالعلماء والمفتين والدعاة وحفظة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتتويج ذلك بإنشاء مجمع فقهي سعودي، مما يعني أن أوامر الملك تلمست وتعمقت في تحسين مستويات المعيشة، وعززتها بالمزيد من تكريس الضوابط الخاصة بالمملكة التي يجب أن تلتزم بمبادئ ومفاهيم المؤسسات الدينية السعودية التي دعمت بمئات الملايين ومئات الوظائف مع حمايتها حتى من النقد. وأختم بما بدأت به داعيا الله أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان في ظل وحدتها الوطنية وقيادتها المحبوبة، ولا يفوتني الإشارة إلى تلك الوقفة العاطفية المؤثرة التي وقفها الملك في ختام كلمته وهو يقول: لا تنسوني من الدعاء. أعانه الله ووفقه إلى كل خير وصلاح، وأن يجعل مسيرة الإصلاح تواصل مسيرتها المباركة وتحقق نتائجها المتوخاة على يديه. إن الله على كل شيء قدير.