ارتبط ظهوره برفيق دربه زياد الرحباني.

ارتبط ظهوره برفيق دربه زياد الرحباني، ولكنه لم يحقق من الشهرة ما يتوازى مع موهبته وصوته القادم من قلب الريف اللبناني، كان فنه أكبر من الأضواء، كان بسيطا جداً وهازلاً لدرجة البكاء، استطاع بصدقه وعفويته في أدواره المسرحية أن يصل إلى قلوب محبيه. تميزت أعماله بالكوميديا والوجع الساخر من كل شيء، إنه الفنان اللبناني جوزيف صقر الذي نقله زياد الرحباني من الكورال المنشد خلف السيدة فيروز إلى قلب مسرحياته وأغنياته، لينقل معه صوتاً عزّ أن يتكرر في سماء الأغنية العربية.
يقول عنه منصور الرحباني جوزيف فنان يميزه التماع خاص في صوته ونبرته الحنونة، صوته لم يعرف الشيب فكأنه شلال عذب من أعلى قمم لبنان، صادق في كل ما يعمل، ساخر أجاد مزج الحياة العادية بكل ظروفها بضحكة ساخرة، وبعبثية متمردة وبلهجة شعبية قريبة للقلب، ومن قلب الواقع.
بأغانٍ مثل بنت المعاون، و الحالة تعبانة يا ليلى و أنا اللي عليكي مشتاق استطاع جوزيف أن يحاكي أوجاع الناس وآلامهم، ويغني هموم البسطاء، لم يكن أحد قادرا على تجسيد الألم والحرمان في المسرح كما كان يفعل جوزيف، ولم يكن هناك صوت آخر سواه يستطيع أن يرسم على الأفواه ابتسامة ممزوجة بالبكاء.
إن الغريب أكثر في أعمال جوزيف (الذي توفي في عام 1997) أنها لم تصل للكثير، غاب عنهم ما قدمه جوزيف خلال مسيرته الفنية، ليثبت لنا أن الفن الحقيقي وحده قد لا يصل للأضواء لكنه – حتما – يصل للقلوب التواقة للأصالة والنقاء، ما قدمه جوزيف كان فنا نقيا لم تشُبه عوائق الأضواء المزيفة.
جوزيف حكاية تستحق أن تروى، وأن تظل، لتكون يمامة بيضاء يطربنا هديلها في زمن التدهور الفني، ففي أغاني جوزيف ومسرحياته وصوته ما يجيب على تساؤلاتنا حول أسباب استمرار تدفق الزيف الغنائي الذي أغرق الشاشات، وقدرة فناني الاستعراض الرخيص على الحضور لدى السواد الأعظم من الجمهور الفني، لكن العزاء أن كل ذلك ليس سوى فقاعات سرعان ما تختفي، ليبقى الفن الأصيل حاضرا في كل الأزمنة.
http://www.youtube.com/watch?v=w77WXpkP6bA