الدمام: الوطن

توقعات حذرة بشأن الأداء المالي واستراتيجيات الاستثمار وخطط التوظيف

أثرت الشكوك المتزايدة في قوّة الاقتصاد العالمي جرّاء أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو وعدم استقرار أسعار النفط خلال الشهريْن الماضييْن سلباً في ثقة مديري الشركات السعودية في أداء الاقتصاد المحلي.
وأظهرت نتائج مؤشر البنك السعودي الفرنسي للثقة بالأعمال في الربع الثالث الصادر أمس، أنّ مديري الشركات باتوا أكثر حذراً في توقعاتهم بشأن الأداء المالي لشركاتهم، واستراتيجياتها الاستثماريّة وخططها التوظيفية ومعدّلات نموّ الإقراض المصرفي.
وأضافت الدراسة الخاصة بالمؤشر والتي أعدها مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفيكياناكيس و المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك تركي الحقيل أن الظروف الخارجية حدّت من تفاؤل الشركات السعودية بتعاف اقتصادي بسرعة، مع أنّ معظم الذين استُطلت آراؤهم أعربوا عموماً عن ثقتهم بقدرة الاقتصاد المحلي على النمو.
وقالت الدراسة إن 98% من المديرين التنفيذيين الذين استُطلعت آراؤهم، وعددهم 793 مديراً يتوقعون أنْ تؤثّر أزمة الديون الأوروبية سلباً في الاقتصاد السعودي ومناخ العمل خلال الربعيْن القادميْن؛ إلا أنّ 23.7% منهم فقط قالوا إنّ أزمة منطقة اليورو ستؤثّر بشكل كبير في الاقتصاد المحلي، بينما قال 74.5% منهم إنّ تأثيرها سيكون طفيفاً أو معتدلاً. وتجلى لنا أيضاً أنّ تراجُع أسعار النفط بعدما تجاوزت الثمانين دولاراً للبرميل في مارس وأبريل والشكوك في تعافي الاقتصاد المحلي بالسرعة التي كانت متوقعة، دفعا المديرين التنفيذيين للشركات السعودية إلى تعديل استراتيجيات شركاتهم.
وأشارت الدراسة إلى تراجع مستوى مؤشّر البنك لثقة الشركات السعودية بأداء الاقتصاد المحلي في الربع الثالث من العام الجاري إلى 99.8 نقطة أساس، بعدما سجّل 100.7 نقطة أساس في الربع الثاني، علماً أنه سجّل مئة نقطة أساس في الربع الثالث من عام 2009.
وتستند هذه الدراسة الفصلية إلى توقّعات كبار مديري شركات قطاعات المال والعقارات والبناء وتقنية المعلومات والبتروكيماويات والسياحة والإعلان والشؤون القانونية.
وخفّض مديرو الشركات السعودية الحدّ الأدنى المتوقع لأسعار النفط بالمقارنة مع الربعيْن الأول والثاني. ففي هذيْن الربعيْن لم يتوقّع أحدٌ من الذين استُطلعت آراؤهم أنْ تنخفض أسعار النفط إلى ما دون الخمسة وستين دولاراً للبرميل خلال بقيّة السنة. لكنّ هذا الوضع تغيّر بعدما انخفض سعر برميل النفط من حوالي خمسة وثمانين دولاراً إلى نحو خمسة وستين دولاراً في مايو، على إثر أزمة الديون السيادية اليونانية.
وتتوقع نسبة كبيرة من شركات المملكة (48.9%) توظيف عاملين جُدد خلال الربعيْن القادميْن (مقابل 61.2% في الربع الثاني). ويعكس هذا التوجّه الإيجابي ثقة الشركات السعودية في مقومات الاقتصاد المحلي الذي يشهد إنفاقاً عامّاً سخياً لضمان التقدّم السّلس نحو إنجاز مشروعات البنية التحتية الرئيسية، رغم استمرار الإقراض المصرفي الضعيف.
وخفضت الدراسة مستوى توقّعاتها لنمو الناتج الإجمالي للقطّاع النفطي السعودي في العام الجاري 2010، من نحو 4.1% إلى 3.7% بسبب تراجع معدّل نمو الطلب العالمي على الطاقة.
كما خفّضت مستوى التوقعات للمتوسّط السنوي لسعر برميل النفط في العام الجاري من ثمانية وسبعين دولاراً إلى ستة وسبعين دولاراً، ما دفعنا إلى تقليص مستويات توقّعاتنا لفائض الحساب الجاري وإجمالي الفائض المالي للمملكة خلال العام الجاري.
وقالت إنه على الرغم من هذه التخفيضات الطفيفة، لا يزال الوضع المالي للمملكة قوياً ـ وقد تتمكّن المملكة من خفض صافي الدين العام المحلي في العام الجاري إلى 13% من إجمالي الناتج المحلي (بعدما بلغ 16% من إجمالي ناتجها المحلي في العام الماضي). وتبلغ قيمة صافي الأصول الخارجية للمملكة 1.55 تريليون ريال، ما يمنحها احتياطيات نقدية هائلة تستطيع الاعتماد عليها في تمويل مشروعاتها التوسعية، عند اللزوم. وتنسجم نتائج هذه الدراسة مع تقييمنا لأداء الاقتصاد الكلي السعودي ـ فمع أنّ المديرين التنفيذيين باتوا أكثر حذراً، إلا أنّ توقعاتهم بشأن نمو أرباح شركاتهم وأداء الاقتصاد المحلي ككل لا تزال إيجابية. علاوة على ذلك، تتوقع غالبية هؤلاء المديرين أنْ تزداد مبيعات وعائدات شركاتهم، بينما يُخطط معظمهم لرفع معدلات الإنتاج.
وقال المديرون التنفيذيون خلال الدراسة إنّ الاحتفاظ بالسيولة يَعِدُ بأفضل العائدات خلال الشهور الستّة المقبلة لأنّ اتجاه أسعار الأسهم يبدو مجهولاً ولأنّ أسعار العقارات تميل إلى الانخفاض. وسيحتاج المستثمرون في الأسواق الإقليمية إلى رؤية أسعار النفط مستقرّة فوق السبعين دولاراً للبرميل بالتزامن مع استقرار الأسواق العالمية، لكي يُعدّلوا مستويات تلافيهم للمخاطر في الشهور القادمة. ومن شأن إصدار نظام الرهن العقاري قريباً أنْ يُعزز الاهتمام بالعقارات السعودية في المدى المتوسط، مع أنّ تطبيق هذا النظام قد يستغرق وقتاً طويلاً.
ويعتقد بعض المديرين المستطلعة آراؤهم أنّ معدّل نمو الإقراض المصرفي سيكون متواضعاً خلال الربعيْن القادميْن. بل إنّ نتيجة هذا الاستطلاع في الربع الثالث جاءت أسوأ بقليل منها في الربع الثاني. إذ ارتفعت نسبة المديرين التنفيذيين الذين وصفوا سياسة الإقراض المصرفي بأنها سيّئة من 41.5% في الربع الثاني، إلى 46.5% في الربع الثالث.