نحن السعوديين شغوفون جدا بالإجازات، وننتظرها على أحر من الجمر وإن كان ثمة إنجاز نعتد به في أوقات الدوام، سيكون حتما انتظار الإجازات، بل إن ولعنا بالإجازات تجاوز انتظارها كثيرا والاستغراق حتى آذاننا في كل ساعاتها ودقائقها واستثمارها (في النوم) غالبا، حتى وصلنا إلى حالة أخرى من العشق تصل إلى حد الهوس والهسترة.
فما إن تشارف إجازة ما على الانتهاء حتى تسري فينا حمى تمديد الإجازة، فتنتشر إشاعات تمديد الإجازة وأخبار المكرمات الملكية القاضية بتمديد الإجازة والتي سبق وأن أكرمنا بمثلها من قبل، ولعل هذا ما فتح باب الطمع أمامنا، حتى مازحنا البعض بقوله: (ما تنعطون وجه يا السعوديين)، فنبدأ في منح عقولنا أحلاما وردية تعد بأيام أخرى أكثر جمالا وفراغا. وتكثر الاتصالات بين الرؤساء والمرؤوسين والأصدقاء والصديقات لطرح سؤال واحد: (ما تأكد خبر تمديد الإجازة؟) ويزداد تشبثنا بهذه الإشاعة وبالساعات الأخيرة من الإجازة فنرغب في أن ننجز فيها كل ما لم ننجزه في أيام الإجازة الطوال.
وما هذا إلا جزء من العبثية والعشوائية في حياتنا بأكملها، فنحن نفتقر بالفعل إلى التخطيط السليم في كل أمور حياتنا، ومنها الإجازات، ففي أماكن أخرى من هذا العالم، يمنح الناس يوما واحدا أو يومين لأي مناسبة كانت، ولكنك تفاجأ بحجم الإعداد والتخطيط لاستثمار هذا اليوم بما يفيد، أما نحن فلو مُنحنا يوما واحدا لقال قائلنا: (بس).
وليست هذه الإجازة بأحسن حالا من سابقاتها.. فقد أرهقتنا كثرة الاتصالات التي تسأل :عن تمديد الإجازة.. بل إن المسافرين منا إلى خارج المملكة طلبوا من الباقين داخلها ومن خلال خدمة (البلاك بيري) تزويدهم بكل جديد فيما يخص التمديد، حتى يتسنى لهم تأجيل الحجوزات والبقاء في العسل مدة أطول، يتساوى في ذلك الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات، فمتى ننفض عنا رداء الخمول هذا؟ حتى نجد من يهاتفنا قبل يوم أو يومين من الدوام لا ليسأل عن تمديد الإجازة بل ليسأل عن الاستعدادات للفصل الدراسي الجديد.