انتقد المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن العبيكان بعض الناس الذين يفهمون الفتوى فهماً خاطئاً ، ونبه إلى خطورة القدح في السنن الصحيحة وكذلك في آراء الأئمة والعلماء . وقال إنه من المؤسف أن بعض الناس يستعجل عندما يفهم بعض الفتاوى فهماً خاطئا فيردها أو ينتقدها دون السؤال عن حقيقتها وما تدل عليه . وهذا ما حدث في الفتوى التي نقلتها بالأمس عن عائشة رضي الله عنها وعن جمع من الأئمة والمحققين في جواز إرضاع الكبير عند الحاجة الملحة . ومما يفهمه البعض خطأ أن الرضاع يحصل مباشرة من ثدي المرأة والحقيقة أنه لا يفعل ذلك وإنما تحلب المرأة في إناء ثم يشربه بعد ذلك، كما نص عليه أهل العلم . قال الإمام ابن عبد البر في كتاب التمهيد هكذا إرضاع الكبير كما ذكر، يحلب له اللبن و يسقاه . و أما أن تلقمه المرأة ثديها كما تصنع بالطفل فلا، لأن ذلك لا يحل عند جماعة العلماء . وقد أجمع فقهاء الأمصار على التحريم بما يشربه الغلام الرضيع من( لبن ) المرأة وإن لم يمصه من ثديها وإنما اختلفوا في السعوط به وفي الحقنة والوجور (التمهيد ج8 /ص256- 257) .
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (ج9/ص148 ): واستدل به على أن التغذية بلبن المرضعة يحرم سواء كان بشرب أم أكل بأي صفة كان حتى الوجور والسعوط والثرد والطبخ وغير ذلك إذا وقع ذلك بالشرط المذكور من العدد لأن ذلك يطرد الجوع وهو موجود في جميع ما ذكر فيوافق الخبر والمعنى وبهذا قال الجمهور ا.هـ .
وهناك من فهم أن هذه الفتوى تشمل السائقين والخدم وغيرهم وهذا غير صحيح فلا تشملهم أبداً وإنما هي في حالات نادرة وكما ذكرت بالأمس الحالتين اللتين تعتبر مثل قصة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه وما يشبه هاتين الحالتين كما أنني أنبه إلى خطورة القدح في السنن الصحيحة حيث إن الحديث رواه مسلم في صحيحه ولم ينازع أحد في صحته . وأيضاً القدح في آراء الأئمة والعلماء المحققين وأعظم من ذلك السخرية فإن مثل هذا يقدح في دين من يفعل ذلك ، وقد يؤثر على عقيدته فالحذر كل الحذر من التعرض للعلماء وفتواهم وما جاءت به النصوص الشرعية .