بسقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس، سودت صحف البعض بنقد الشيخ الدكتور سلمان العودة، مستعيدين مقالاً وقصيدة له إثر زياته تونس في عهد رئيسها الهارب بن علي، أما المقالة فقد كتبها في

بسقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس، سودت صحف البعض بنقد الشيخ الدكتور سلمان العودة، مستعيدين مقالاً وقصيدة له إثر زياته تونس في عهد رئيسها الهارب بن علي، أما المقالة فقد كتبها في 11-5-2009 تحت عنوان: الإسلام والحركات، وبدأها بالحديث عن تونس قائلاً: زرت بلداً إسلامياً, كنت أحمل عنه انطباعاً غير جيد، وسمعت غير مرّة أنه يضطهد الحجاب، ويحاكم صورياً، ويسجن ويقتل، وذات مؤتمر أهداني أخ كريم كتاباً ضخماً عن الإسلام المضطهد في ذلك البلد العريق في عروبته وإسلاميته. ولست أجد غرابة في أن شيئاً من هذا القيل حدث ذات حين؛ في مدرسة أو جامعة, أو بتصرف شخصي, أو إيعاز أمني, أو ما شابه. بيد أني وجدت أن مجريات الواقع الذي شاهدته مختلفاً شيئاً ما؛ فالحجاب شائع جداً دون اعتراض، ومظاهر التديّن قائمة، والمساجد تزدحم بروّادها من أهل البر والإيمان.
المقالة جاءت تاريخية في سياق تاريخ وفكر سلمان العودة، ذلك أنها بالأساس تمتدح مسار الدعوة الإسلامية في تونس، ومن جهةٍ أخرى تنتقد الحركات الإسلامية وتفرق بينها وبين الإسلام. استعادة هذه المقالة يبررها البعض بأنها إدانة لسلمان العودة بعد سقوط النظام، وها هو سلمان العودة يتشفى من النظام السابق وكأنه لم يمدحه من قبل ... هكذا قالوا!
أما القصيدة التي استعيدت فقد كتبها في نفس الزيارة وجاء فيها:
يا تونس الخضراء جئتك هاتفاً ** طال السرى يا تونس الخضراء
والحب أنت عناده ووداده ** ومداده والشوق والبرحاء
والفجر أنت مآذن فوق الذرى ** الله أكبر ضجة وحداء
استعيدت أيضاً هذه القصيدة لغرض إحراج العودة ومنعه من الفرح بسقوط زين العابدين بن علي، وأحدهم وصف الرئيس السابق المخلوع بأنه صاحب سلمان العودة! مع أن تغطية الإسلام اليوم للحدث جاءت مثل تغطيات القنوات ووسائل الإعلام الأخرى، كانت في صف الشعب وليست في صف النظام. وفي نهاية المطاف العودة ليس مقدساً بل هو فقيه وداعية ومفكر يخطئ ويصيب، لكنني هذه المرة أقف إلى جانب رأيه، فهو حينما امتدح تونس امتدح شعبها وإيمانه، ولم يقل إن النظام التونسي كان عادلاً، ولم يتحدث عن وجود حريات مطلقة للدعاة، بل تحدث فقط عن أن انطباعه عن ذلك البلد لم يكن في موقعه، وأن هناك مبالغات في أحاديث الإسلاميين عن التضييق على الحجاب ومنعه، مع أنه رأى حجاباً، وعن الصلاة في المساجد، مع أنه رأى بأم عينه مساجد ملأى، فأين هي المشكلة؟!
لا أدري لماذا نحمل سلمان العودة ما لم يقله في مقاله، وما لم يقله في قصيدته، هناك فرق أيها السادة بين تونس وبين زين العابدين بن علي، إلا إن كان المحتجون على العودة غاضبين من فكرة المقالة التي قال فيها إن الإسلام ليس هو الحركات الإسلامية، فهذا مفهوم، لأنه ينتقل إلى ما يصنف بالضرب تحت الحزام، والفجر في الخصومة!