يرفع كثير منا بحسن نية، توقعاته تجاه الآخرين وخصوصا بعض المشاهير، فتجد البعض ينبهر بممثل فيظن أنه أفضل شخص في العالم، وقد ينبهر أشخاص بأسلوب حديث مدرب من المختصين بتطوير الذات والعلاقات، فيظن أن حياة هذا الرجل كاملة!
وقد ينبهر الناس بشكل عام، باللاعبين وأبطال الأفلام والمسلسلات ومشاهير الإعلام الجديد، وغيرهم من المبرزين على الشاشة عادية كانت أو ذكية، وهذا لا يهم، المهم أننا وبشكل كبير نغتر بالبريق الذي نرى هؤلاء عليه من بعيد، ولكن إذا تعمقنا فيهم أكثر سنجد أنهم أناس مثلنا مثلهم.
بل ربما كنا أفضل منهم في كثير من الأمور، فليس كل من ظهر في الإعلام، أو تقلد منصبا، أو كان رمزاً من رموز الدورات التدريبية، أو نجماً في الرياضة أو الترفيه يستحق منا كل هذا الانبهار.
لو نلاحظ حياتنا سنجد أننا نردد أحياناً الجمل التالية: (رأيت اللاعب المشهور الفلاني يتشاجر في المكان الفلاني! وتعاملت مع المدرب الفلاني فوجدت أسلوبه عكس ما يقول في دوراته التدريبية! وشاهدت لقاء للممثل الشهير في التلفاز فوجدت أنه فارغ ولا يستطيع القيام بشيء إلا من خلال سيناريو يرشده نحو الحديث! وتعاملت مع الدكتور في الجامعة فتفاجأت من بعض أفعاله الغريبة! وقرأت مقالات الكاتب الفلاني عن التواضع ولما قابلته وجدته متكبراً!)، إلى آخر تلك النماذج التي تبرهن على أننا دائماً يغرنا البريق! ونضع هالة من الدهشة حول هؤلاء، ثم نكتشف لاحقاً أنهم شخصيات عادية جداً، فهموا أشياء من الحياة وأتقنوها، وغابت عنهم أشياء أخرى كثيرة. وقد نكون نحن في كثير من الأحوال أفضل منهم فيها، فلا نضعهم في منازل عالية لكيلا تخوننا التوقعات الكبيرة، ونتفاجأ بواقعهم البسيط.
أقول هذا الكلام عن تجربة؛ فلقد انبهرت بالعديد من هؤلاء، ولما اقتربت أكثر منهم سواء أكانت بيننا أعمال مشتركة، أو متابعة لهم في البرامج الحوارية المباشرة على وجه الخصوص، وجدت أنهم وبنسبة معينة عكس ذلك بكثير، فليس كلما قالوه في دوراتهم أو برامجهم يطبقونه في حياتهم.. لأتذكر حينها مقولة الشيخ سليم الشنقيطي رحمه الله: (البشر بشر).
مهما بلغ الإنسان من مكانة علمية أو عملية، فإنه يظل بشراً قاصراً في كثير من الأمور، وقد تصدر منه تصرفات غير متوقعة، والحل يكمن في إيقاف رفع التوقعات تجاه الآخر أياً كان، فهم بشر وليسو ملائكة.