لن ينسى تاريخ النقل الجوي دور الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران في إنشاء ودعم وتطوير المطارات السعودية ودعم الخطوط السعودية الناقل الوطني منذ إنشائها، وأكبر دليل على هذا الدور الريادي هو وضعه حجر الأساس لمشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد في جدة بعد أن تم توقيع عقود الإدارة التجارية للمطارات الدولية الثلاثة مع كبريات الشركات العالمية المتخصصة لتحقيق الأهداف الرئيسة والمرتبطة بتطوير الأداء والتشغيل على أسس تجارية. وبهذه الخطوات الاستراتيجية نستطيع اليوم أن نعترف بأن قرار مجلس الوزراء رقم 13 بتاريخ 17 / 1 /1425هـ والذي يقضى بتحويل رئاسة الطيران المدني من جهاز حكومي يعتمد على ميزانية الدولة إلى هيئة عامة لها شخصيتها الاعتبارية واستقلالها المالي والإداري تعمل بفكر اقتصادي لتحقق فائض في دخلها لتطويرأجهزتها. كان قراراً حكيماً واسترتيجياً سنرى إيجابياته مستقبلاً على تطور المطارات السعودية. وإن من أهم إنجازات هذا القرار هو إنشاء مطار الملك عبدالعزيزالجديد بفكر تمويلي جديد حيث إن تكلفة إنشاء المطار الجديد ستتم من خلال جسر تمويلي تسدد قيمته من عوائد المطار الحالي والجديد هو فكر جديد أتمنى أن يتكرر على جميع المشاريع الخدمية سواء لمرحلة الإنشاء الجديد أو التطوير القديم، وهي أفضل وأضمن استثمار لفوائض دخل الدولة أو للأموال المودعة خارج الوطن. إن مشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد الذي يتوقع أن تزيد تكلفته عن 27 مليار ريال يترقبه القطاع الخاص بمختلف مستوياته الكبيرة والصغيرة صناعية أو خدمية أو تجارية أو مقاولات وخدمات، وإن المقاولين الصغار والمتوسطين قد سال لعابهم واستنفدوا جميع استعداداتهم في محاولةً منهم للحصول على جزء من حجم المقاولات من الباطن ومن أكبر الإيجابيات لقرار إنشاء هذا المشروع أن رائدة شركات المقاولين السعوديين في المملكة شركة بن لادن هي التي حظيت بالترسية عليها لتنفيذ هذا المشروع وإن كان ليس غريباً عليها هذا النوع من المشاريع. إلا أن تنفيذ هذا المشروع يعتبر الأهم والأكبر والأحدث. ومن أهم التصريحات الأولية لمقاول المشروع كما جاء على لسان رئيس شركة بن لادن بكر بن لادن أن الشركة ستستعين بعدد من مقاولي الباطن من داخل المملكة وخارجها وأنا أشيد بهذا التوجه الوطني للشركة متمنياً عليها التوسع في الاستعانة بالمقاولين السعوديين الذين يواجهون بعضا من الركود خلال السنوات الماضية نظراً لسيطرة شركات المقاولات الكبيرة على الحصة الكبرى في السوق السعودي ودخول بعض الشركات الأجنبية لتنفيذ بعض المشاريع مباشرةً أو من الباطن. إن ميزانية ضخمة مثل الميزانية المرصودة للمطار الجديد سبعة وعشرين مليارا لو أنفق نصفها على المقاولين السعوديين والمصانع السعودية وعلى العمالة السعودية فسوف تسهم في إنعاش اقتصاد منطقة مكة المكرمة وإن مشروعاً ضخماً على مدار السنوات الثلاث القادمة قد يساهم في تشغيل عشرة آلاف شاب سعودي في مختلف المجالات مباشرةً أو غير مباشرةً. إن الصناعات السعودية في مختلف المجالات أصبحت قادرة على توفير احتياجات المشاريع التنموية العملاقة لقد انتهى عصر الشركات الأجنبية التي حظيت بمشاريع البلايين واستوردت جميع احتياجاتها من الخارج حتى التموين الغذائي كان يستورد لعمالها وأسندت معظم الأعمال من الباطن إلى مؤسسات متسترة مملوكة لسعوديين ولكنها تدار وتشغل لحساب الأجانب. كما أتمنى أن يراعى حجم الاستخدام لمواد البناء الأساسية لهذا المشروع مع احتياجات السوق المتنامية لأن سحب كميات البناء الأساسية سوف يحدث ندرة في المعروض وقد يستغلها البعض في رفع الأسعار وأخص على وجه التحديد الحديد والأسمنت. وأخيراً أتمنى على الشركة المنفذة للمشروع أن يكون لها خطة متكاملة لبرامج المسؤولية الاجتماعية خلال السنوات الثلاث القادمة تسهم في دعم برامج البعد الاجتماعي في العمل. ومن المؤكد أن جميع هذه التوقعات هي تحت أنظار القائمين على هذا المشروع. أما إدارة وتشغيل هذا المطار العملاق فمن المؤكد أنها تتطلب إعداد وبناء الكوادر السعودية المؤهلة لتولي مهام إدارته وتشغيله وقد يحتاج الأمر إلى التخطيط المبكر من هيئة الطيران المدني والتنسيق مع الشركات المتخصصة لإدارة وتشغيل المطار لأن عقود الإدارة والتشغيل لشركات عالمية يغفل فيها أحياناً رفع نسبة السعوديين ويحتج بعض المشغلين الدوليين بأنها لا توجد كفاءات سعودية رغم أن فترة ثلاث سنوات لبدء التشغيل كافية لبدء تأهيل الشباب السعودي بمختلف التخصصات داخل وخارج المملكة استعداداً لتشغيل المطار الجديد. إن نموذج الإدارة الحديثة لهيئة الطيران المدني ممثلة في معالي المهندس عبدالله رحيمي أضاف بعداً متميزاً في التمويل للإنشاء بفكر اقتصادي وهو مهندس التمويل الصناعي في صندوق التنمية الصناعية وأحد الأعمدة الرئيسة فيه سابقاً.
اختيار موفق لقيادة متميزة لهيئة حديثة ستسهم في تطور المطارات السعودية .
نعم إنه إنجاز كبير لجهود متميزة يبذلها أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الذي حرص على متابعة خطوات المشروع منذ بدايته وأصر على أن يضع مطار الملك عبدالعزيز في موقع منافس للمطارات الدولية وأن يعمم خدمة النقل الجوي لمدن منطقة مكة المكرمة.