أبها : الوطن

وصفت مجلة Time الأميركية، في تقرير لها، مذبحة يوم الجمعة في المسجدين بنيوزيلندا، بأنها امتداد للفاشية، مشيرة إلى وجود روابط بينها وبين العنف ذي الدوافع الدينية والعرقية.
 

تقاطع الفاشية مع النازية

ظهرتا بين الحربين العالميتين الأولى والثانية
التعصب للون واستخدام أسلوب التصفية
استهداف الجماعات غير البيضاء بالكراهية والتحريض


 

وصفت مجلة Time، في تقرير لها، مذبحة يوم الجمعة في المسجدين بنيوزلندا، والتي تسببت في استشهاد 50 شخصا وإصابة عشرات آخرين، بأنها امتداد للفاشية، مشيرة إلى أن المشتبه به الذي تم اتهامه بالجريمة نشر بيانا على الإنترنت قبل عملية إطلاق النار، اعتبر نفسه فيه فاشيا.
وأوضح التقرير أن الرابط بين الفاشية والعنف ذي الدوافع الدينية والعرقية هو أحد ثوابت الفاشية، والتي ظهرت قبل نحو 100 عام، وفي نفس الوقت، فإن الإعلان الظاهري، الذي قام به المشتبه به أكد على تغير مؤخر ومضجر في مكان الفكرة في العالم، فيما ذهب مؤرخون إلى أن المشتبه فيه بارتكاب الجريمة لاينتمي إلى الفاشية التي ظهرت في وقت لم يكن فيه مهاجرون، وإنما نازيا كون أتباع هتلر كانوا يتفاخرون بفكرة الحراسة ضد الغرباء من أصحاب البشرة غير البيضاء.
وذهب التقرير إلى أن الهجوم الإرهابي كشف عن فشل الغرب في التخلص من نازية هتلر وفاشية موسوليني، وأن اللغة البديلة لأيدولوجية الفاشيين والنازيين مكنت أفكارهم من أن تعود مرة أخرى بأشكال مختلفة.

حزب موسوليني
تطرق التقرير إلى تاريخ الفاشية، والذي بدأ قبل نحو قرن، وبالتحديد في 23 مارس، 1919، عندما أنشأ الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني مجموعة تُسمى «Fasci Italiani di Combattimento»، التي أدت إلى تأسيس الحزب الوطني الفاشي الأساسي، وفي عام 1921 أصبح موسوليني رئيسا للوزراء، وبحلول 1925، أقام أكبر دكتاتورية فاشية في العالم، تسببت في تغير العالم بشكل كبير منذ هذا التاريخ.
حسب التقرير فإن الفاشية في جوهرها، هي العنف ضد الناس الذين تستهدفهم كأعداء»، وأنه بهذا الفكر ارتقت الفاشية إلى السلطة في إيطاليا، خاصة أن الحكومات والجماعات الفاشية باتت تستهدف الناس الذين يهددون سلطتهم، كما تم ربط تلك الفكرة بالتهديدات على السيادة البيضاء، وأن موسوليني كان يزعم أن الناس من ذوي البشرة البيضاء في إيطاليا كانوا يموتون، ويتم استبدالهم بجماعات أقلية وهو ما جعل هذه الجماعات أهدافا للكراهية الفاشية، التي تعتمد في ثوابتها على هذا الحس الملح حول أصحاب البشرة البيضاء.

بين الفاشية والنازية 

بين التقرير أن نظام موسوليني قام بجذب المتابعين، معظمهم من المحاربين القدامي في الحرب العالمية الأولى وأصحاب المصانع، ورواد الأعمال، وذلك عن طريق تشجيع الاعتداء المنهجي وقتل الاشتراكيين، كما استهدف موسوليني الناس في المستعمرات الإفريقية الخاصة بإيطاليا في الثلاثينيات 1930 والسلاف أثناء صراعات الحدود التي تبعت ذلك، حيث إن إيطاليا حاولت توسيع أراضيها. وفي المقابل، وفقا للتقرير، فإن مطلق النار المشتبه به في نيوزلندا بدا وأنه أثارت دافعيته المشاعر المعادية للمسلمين والمهاجرين، وهو ما جعل المؤرخ روبيرت أوباكستون، يستبعد كون الإرهابي الأسترالي متأثرا بالفاشية، التي لم تكن لديها مشكلة هجرة، ومن ثم فإن الشخص الذي يعلن عن نفسه بأنه فاشي معادي للمسلمين ومعادي للهجرة يعتبر نسل أيدولوجي من الحزب النازي أكثر من كونه نسل أيدولوجي من الحزب الفاشي الإيطالي الأساسي، حيث إن تابعي هيتلر تفاخروا بفكرة الحراسة ضد الغرباء، الذين كانوا يعتبرون مصادر خطر، والذين انتهى بهم المطاف، ليكونوا مستهدفين.

الأحزاب اليمينية

لفت التقرير إلى أن النازية نوع من الفاشية، غير أن هتلر عمد إلى تجاهل ما صنعه موسوليني، وذلك لأن «هتلر لم يرد أن يُرى وكأنه تلميذ لموسوليني واعتبر الإيطاليين كألمانيين ثانين»، مشيرا إلى أن المتطرفين في الوقت الحالي عادة ما يكونوا مترددين في تسمية أنفسهم بالفاشيين، إلا أن «الفاشيين الإيطاليين الذين ابتكروا المصطلح استخدموه بفخر». وأضاف أن «الأحزاب اليمينية العصرية بشكل عام تتجنب هذا المصلطح كما تتجنب الطاعون»، وكانوا أكثر ميلا نحو استخدام الكلمات المشفرة البديلة، وذلك أيضا بسبب أنهم قد يتورطوا في مشاكل مع القانون، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قامت ألمانيا وإيطاليا باقتراح قوانين تمنع الترويج للأحزاب الفاشية والنازية، في حين أن مثل هذه المقاييس كانت من المفترض أن «تتأكد من هذه الحركات لم تعد مرة أخرى»، خاصة وأن الجهود لضبطها قد اختفت، وأن اللغة البديلة للفاشيين والنازيين مكّنت أفكارهم من أن تعود مرة أخرى بأشكال مختلفة.
وأوضح التقرير أنه مع الهجوم الإرهابي في نيوزلندا اختفت الرغبة في إخفاء الربط العلني بموسوليني وهتلر، خاصة أن الكلمات الواضحة لعرض المشتبه به في الهجوم جلبت مشاعر قاسية ومزعجة في الغرب الأوروبي كون الفاشية محرمة مباشرة، بعد الحرب العالمية الثانية، بينما أظهر الهجوم حقيقة صعود هذا التيار خلال العقود الأخيرة بعد مجيىء أجيال جديدة تم إعادة تأهيلها ووصل بعضهم إلى صدارة المشهد السياسي في أوروبا.