مكة المكرمة، المدينة المنورة: الوطن، واس


شدد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، على أن خطاب الكراهية هو كل قول مقروء كتابة أو مسموع لفظا يثير تحريضا أو فتنة أو عنفا أو ازدراء أو عصبية أو تمييزا بين الأفراد أو الجماعات، موضحاً أن خطورة مثل هذا الخطاب تكمن في إرباكه للأمن الفكري والأمن الاجتماعي المؤثرين جميعا في النسيج المعرفي والتجانس الاجتماعي، إذ عليهما بعد توفيق الله معول المجتمعات في أصل الاستقرار، وبهما تدرأ الفوضى في ثنايا وسائل التواصل بين أفرادها ومجموعها.

غلو حانق
قال الشريم في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: إن خطاب الكراهية إذا كان شارداً عن محور الوسط والوسطية عرف بأن سبب إذكائه إما غلو حانق وإما انحراف ساقط ليصبح الخطاب الوسطي ضحية كلا طرفي خطاب الكراهية، فالمغالي: يراه خطابا منحرفا لأنه دونه في الغلظة وضيق العطن، والمنحرف المجافي: يراه خطابا متشددا لأنه لا ينزل إلى بذاءته وانفلاته، وقال: كلا الخطابين عباد الله تلفِظهما الأسماع الرشيدة، وليس لهما رجع صدى في أسماع النبلاء ذوي الرزانة والتثبت، وأما الخطاب الوسطي فإنه يمر كالبرق من الأذن إلى القلب، ولا غرو في ذلكم، فلسان الصدق أمضى الألسن ولا يكون إلا في العلو دائما.

 أسماع العقلاء
أكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن خطاب الكراهية هو عنف لفظي وأن الله يعطي بالرفق ما لا يعطي بالعنف، ولفت الانتباه إلى أن خطاب الكراهية كزبد السيل يذهب جفاء ولا يمكث في الأرض، وما تلبس أحد بخطاب الكراهية إلا نفرت من وحشية أسماع العقلاء فكرهوا سماع قوله أو قراءة مقاله، إنه خطاب يحجز صاحبه في نطاق ضيق لا يرى فيه إلا نفسه، فلا مقام عنده لحسن ظن، ولا لسعة خلاف، بل هو بركان هائج لا يقذف إلا بالحمم فلا تقع على شئ إلا أحرقته أو أذابته.

سمة بارزة
أبان الشيخ الشريم أنه قد انتشر في هذا الزمن نظرة سلبية من غير المسلمين تجاه الإسلام وأهله، فأذكت تلكم النظرة خطاب كراهية ضدهما، حتى أضحى سمة بارزة في عددٍ من وسائل أولئكم، حيث كثر الحديث عنها وعن دوافعها، فلم يخرج الأمر عن أن الذي يغذي خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين إما عمق عقدي، وإما ردة فعل عكسية لأغلاط غير مقبولة من أناس ينتسبون إلى الإسلام، وإما بالأمرين جميعا، فأما ما كان سبَبَه عمقا عقديا فلا حيلة لأمة الإسلام تجاهه، فلو جاءتهم كل آية فلن يستطيعوا نزعه من صدورهم إلا أن يشاء الله، فإن من شب على شيء شاب عليه، وأما ما كان سببه راجعا إلى ردة فعل عكسية لأخطاء بعض أهل الإسلام فهذا هو ما يعنينا بالدرجة الأولى، لأن أهل الإسلام هم المعنيون بالقدوة الحسنة وموافقة أفعالهم لما ينتسبون إليه، فإن الطرف الآخر لا يفرق بين الإسلام وبين المنتسبين إليه، فأي غلط يقع فيه أحد منهم سيلقون باللائمة على الإسلام.
وشدد على أنه يجب أن يكون للإعلام والمنظمات ونحوها جهود مبذولة في هذا الأمر العظيم، وعليهم من المسؤولية والتبعة ما ليس على من دونهم.

نعمة البصيرة
في المدينة المنورة بيّن فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير أن المؤمن الحقّ يلتزم بأوامر الله ويجتنب نواهيه بما آتاه الله من بصيرة ويقظة في القلب، وفهم في العقل، ووعي بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إن من جلائل النعم، وقلائد المنن، نعمة البصيرة في الدين، فالبصيرة هي التوحيد ونبذ الشرك، وعدم طاعة المخلوق في معصية الله تعالى، وأن البصيرة هي البرهان واليقين والثبات في الدين.