من الطبيعي أن يدخل السأم إلى المشاهد العربي من أي برنامج فضائي حواري، لأسباب أبرزها أنه يشعر بنوع من الإحباط بسبب تردي أحواله دون أن يحرك السّاسة ساكناً، لذا فهو يرى أن تلك البرامج ما هي إلا مضيعة

من الطبيعي أن يدخل السأم إلى المشاهد العربي من أي برنامج فضائي حواري، لأسباب أبرزها أنه يشعر بنوع من الإحباط بسبب تردي أحواله دون أن يحرك السّاسة ساكناً، لذا فهو يرى أن تلك البرامج ما هي إلا مضيعة للوقت، ومخدر موضعي لعضو في جسد يحتاج إلى العلاج الكامل.
أمام تلك المعادلة فإن الإعلامي صاحب البرنامج الحواري الشامل لا المتموضع في دولة بعينها، يحتاج إلى جهود جبارة لإقناع ذلك المشاهد بالبقاء لمشاهدة برنامجه على الدوام، وعلى غرار إعلاميين مخضرمين في الغرب نجحت برامجهم في الاستمرار لعشرات السنين، كلاري وأوبرا وغيرهما.
نجح بعض الإعلاميين العرب في ذلك، وفي برامج على غرار الاتجاه المعاكس و أكثر من رأي، وغيرهما، ولكن سرعان ما خفت وهج تلك البرامج بسبب طبيعتها الحادة والصراخ الذي أبرزها مؤقتاً على حساب أخرى، إضافة إلى تركيز بعضها على بقع جغرافية بعينها في عالمنا العربي تناولاً وضيوفاً مكرورين، وأجندات، ما لبث المشاهد أن انعتق منها بعد أن كان مشدوهاً بها طيلة سنواتها الأولى!
إن التحدي الحقيقي لأي برنامج حواري هو في الاستمرارية المتزنة والحرص على الحيادية، وهو ما نجح فيه مثلاً تركي الدخيل على العربية، فبرنامج إضاءات يميزه الاختيار النوعي للضيوف، وأن يكونوا من جميع المشارب فكرية وسياسية، بل ومن شتى الأنحاء الجغرافية للعالم العربي، إضافة إلى الإعداد الجيد لكل حلقة. وهو ما نجده أيضاً عند محمد الهاشمي على المستقلة، وعلي الظفيري على الجزيرة وبرنامجه في العمق الذي إن استمر على هذه الوتيرة فإنه سيحقق النجاح المستدام. وختاما البرنامج الأضخم والمختلف في أدواته وتقنياته الحوارية، حوار العرب ومذيعه الشاب طالب كنعان.
في زمن تتكاثر فيه البرامج الحوارية في عالم عربي يعاني مما يعاني منه؛ أعتقد أن برامج قليلة جداً هي التي تستحق المشاهدة، لأنها بكل بساطة تجنبت الضحك على المشاهد واحترمت عقله.